رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

لكبار السن: التفرقة بين النسيان الطبيعي وأعراض الخرف وطرق الوقاية

شارك

توضح الدراسات أن فقدان الذاكرة يعد أمرًا شائعًا مع التقدم في العمر، وهو جزء طبيعي من الشيخوخة لكنه قد يشير أحيانًا إلى وجود حالة صحية أكثر خطورة هي الخرف. وقد يرى البعض أن النسيان البسيط لا يسبب قلقًا، إلا أن التمييز بين النسيان العادي والخرف أمر مهم. وتقوم مصادر متخصصة بنشر علامات تساعد في التفرقة بين النسيان المرتبط بالشيخوخة وأعراض الخرف. وتؤكد هذه الملاحظات ضرورة متابعة التغيرات الذاكرية وتقييمها بشكل دوري مع المختصين.

العلاقة بين التراجع الذاكري والتقدم في العمر

تشير المعطيات إلى أن نحو 40% من الأشخاص يفقدون قدراتهم الذاكرية بشكل ما بعد بلوغهم 65 عامًا، وهو شكل قد لا يصل إلى الخرف. ومع ذلك تبقى مخاطر الإصابة بالخرف قائمة، فتعريف منظمة الصحة العالمية يشير إلى أن ما بين 5% و8% من كبار السن قد يصابون بالخرف في مرحلة ما. وتتفاقم الأعراض تدريجيًا لتشمل فقدان القدرات الشخصية والقدرة على رعاية النفس بشكل تدريجي. وتُلاحظ الحاجة إلى التقييم الطبي عند ظهور تغييرات ملموسة في الأداء اليومي لتحديد درجة الخطر والخطة المناسبة.

أشكال النسيان: العادي مقابل الخرف

بين النسيان المرتبط بالعمر والخرف توجد حالة تعرف بالضعف الإدراكي الخفيف، وتكون أعراضها أخف من الخرف لكنها لا تزال تؤثر في الذاكرة والكلام والارتباك بشكل متغير. يبقى الشخص المصاب قادرًا في الغالب على أداء مهامه اليومية، لكن وجود هذه الحالة يرفع احتمال تطور الخرف مقارنة بالحالة الطبيعية. إذا ظهرت علامات الضعف الإدراكي الخفيف، يوصى بم متابعة التقييم الطبي بشكل دوري لتحديد معدل التقدم وتوجيه الوقاية.

علامات الإصابة بالخرف

عندما يصبح فقدان الذاكرة شديدًا إلى الحد الذي يعطل الحياة اليومية ويؤثر على روتينك المعتاد، قد تكون هذه علامة مبكرة للخرف. كما يبدأ الشخص بملاحظة صعوبات في تعلم أمور جديدة وإكمال مهام معروفة، وقد يلاحظ المقربون تغيرًا في القدرات. في هذه الحالة يُنصح بإجراء فحص طبي وتقييم دقيق للحالة لتحديد الخطة العلاجية المناسبة. وتتطور الأعراض تدريجيًا وتؤدي في نهاية المطاف إلى انخفاض القدرة على رعاية النفس بشكل مستقل.

طرق الوقاية من الخرف

ابدأ بالحفاظ على النشاط البدني، فالحركة المنتظمة من أهم العوامل التي تحفز الدماغ وتقلل خطر التدهور المعرفي. تعمل التمارين على تحسين الدورة الدموية وتوازن الجسم وتدعم الوظائف الذهنية عند كبار السن. يكفي أن يحرص الشخص على نشاط بدني منتظم يرفع معدل النبض بشكل آمن، مثل المشي أو بعض التمارين الخفيفة ثلاث مرات أسبوعيًا. وبهذا الشكل يصبح الدماغ أكثر قدرة على التكيّف مع ضغوط الحياة اليومية.

اتباع نظام غذائي صديق للدماغ يساهم في خفض مخاطرات الخرف؛ خصوصًا النظام المتوسط الغني بالخضروات والأسماك وزيت الزيتون والمكسرات والحبوب الكاملة. كما تشير دراسات إلى أن هذا النظام يساعد على حماية صحة الدماغ وتقليل احتمالية تدهور الذاكرة. ويمكن أن يكون التوازن في السعرات واختيار الدهون الصحية عاملاً رئيسيًا في الوقاية. تذكر أن تناول الغذاء الصحي يكمّل بقية أساليب الوقاية ويعزز فعاليتها.

احرص على النوم الجيد لمدة 7-9 ساعات كل ليلة، فالنوم الصحي يساعد الدماغ في طي الفضلات وتحديث الذاكرة. النوم غير الكافي أو المتقطع، خصوصًا مع وجود انقطاع النفس النومي غير المعالج، يعد عامل خطر للخرف. لذا فإن الانتظام في مواعيد النوم والاستيقاظ يعزز اليقظة والانتباه والوظائف المعرفية. كما يُفضل تقليل العوامل الملهية قبل النوم مثل الشاشات وتحديد روتين هادئ للاستعداد للنوم.

يؤكد البحث أن البقاء على تواصل اجتماعي والنشاط الذهني يحافظان على صحة الدماغ ويقللان خطر العزلة الاجتماعية. لذا احرص على التفاعل مع الأصدقاء والعائلة وتعلم مهارة جديدة أو هواية، والقراءة ولغتين أو آلة موسيقية. كما أن المشاركة في أنشطة مجتمعية تعزز المرونة المعرفية وتقلل من احتمالية الانسحاب الاجتماعي. ما أمكن، خصص وقتًا للأنشطة التي تحفز التفكير والذاكرة بشكل منتظم.

يرتبط ارتفاع ضغط الدم والسكري والسمنة والتدخين بزيادة خطر الخرف، وتُشير دراسات إلى انخفاض الخطر بنحو 54% عند اتباع نمط حياة صحي لمن يعانون من السكري. لذا فإن التحكم في عوامل الخطر القلبية والتمثيل الغذائي يساهم في حماية الدماغ. يجب الانتباه لعوامل مثل الوزن وممارسة الرياضة وتناول الطعام المتوازن والامتناع عن التدخين. كما أن الإشراف الطبي المنتظم يساعد في تقييم المخاطر واتخاذ إجراءات وقائية مبكرة.

يُعَد فقدان السمع غير المعالج عامل خطر قابل للتعديل للإصابة بالخرف، لأن صعوبات تفسير الأصوات تستهلك موارد الدماغ وتؤثر في الإدراك مع مرور الوقت. كما أن فقدان السمع غالبًا ما يؤدي إلى تراجع التفاعل الاجتماعي، وهو أمر ضار لصحة الدماغ. لذلك يجب فحص السمع إذا ظهرت صعوبات في المحادثة، والاستخدام الفعّال لسماعات الأذن عند الحاجة، والحفاظ على التواصل الاجتماعي من خلال العلاقات والأنشطة المجتمعية. الحفاظ على بيئة اجتماعية نشطة يُشكل جزءًا هامًا من الوقاية من التدهور المعرفي.

يؤثر التدخين سلبًا في الأوعية الدموية وأنسجة الدماغ، وقد يزيد إصابة الرأس من مخاطر الخرف، لذا يُنصح بتجنب التدخين والاعتماد على أساليب حياة صحية. كما أن ارتداء الخوذات والاحزمة في الرياضات والمسؤوليات اليومية يحد من الصدمات الدماغية التي قد ترفع مخاطر الخَرَف. وتشير النصائح الوقائية العامة إلى تجنب المخاطر والتعرض للإصابات والاعتناء بالصحة الرأسية بشكل عام.

مقالات ذات صلة