أثبتت دولة الإمارات أنها منارة سلام في زمن تعصف فيه التوترات والأزمات بأمن العالم، حيث برزت في السودان صوت العقل ويد العون، حاضرة في الميدان السياسي والإنساني، وماضية في نهجها القائم على تغليب الحكمة ولغة الحوار كمدخل أساسي لحل الخلافات ووقف إطلاق النار.
أصبحت الإمارات لاعباً دولياً فاعلاً في مسارات حل النزاعات الإقليمية والدولية، مستندة إلى دبلوماسية نشطة وشراكات استراتيجية واسعة، وبدأت دبلوماسيتها منذ اللحظات الأولى للأزمة ولا تزال في إطار رؤية وخارطة طريق متكاملة لحل الأزمة، تستند إلى مبادئ رئيسية أبرزها دعم التوصل إلى وقف فوري وشامل لإطلاق النار، ورفض التدخلات العسكرية الخارجية، وحماية المدنيين، ومعالجة الأزمة الإنسانية عبر تقديم الدعم الإنساني والإغاثي العاجل للشعب السوداني، بما يعزز السلام والاستقرار في المنطقة والعالم من خلال الجهود الدبلوماسية والحوار البناء.
وقفت الإمارات سنداً للشعب السوداني وحافظت على مقومات حياته، ومفتوحةً أمامه نوافذ الأمل، لتثبت مكانتها مكانة منارة للسلام وصوت عقل في زمن تعصف فيه التوترات والأزمات، حاملةً على عاتقها رسالة إنسانية تتجاوز حدود الجغرافيا.
ففي مختلف المحافل الدولية، تؤكد الإمارات ضرورة تغليب صوت العقل والحكمة، وتهيئة بيئة ملائمة لتسوية النزاعات عبر التفاوض، بما يضمن حماية سيادة الدول ومصالح الشعوب، مع يقينها بأن الصراعات لم تجلب للسودانيين سوى الدماء والدمار، وأن تقارير الأمم المتحدة وثّقت جرائم حرب وانتهاكات جسيمة للقانون الدولي.
وفيما تتعالى أصوات في السودان تدفع باتجاه مزيد من التصعيد والحروب، تصدّح الإمارات «صوت العقل» دائماً، وأثبتت أنها ضمير المنطقة، وصوت العالم الباحث عن السلام، وجسراً أميناً بين الشعوب، حيث تستمر في بذل مساعيها من أجل الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار في السودان في إطار الرباعية.
ومن هذا المنطلق تتبنّى الإمارات رؤية ثاقبة في رفض الحرب والدعوة للحل السلمي في السودان، فالحروب مهما طالت لا تخلّف إلا أطلالاً، بينما السلام يُعمّر أوطاناً. وقد برهنت مراراً وتكراراً أنها صاحبة الدور والمسؤولية في المنطقة، فهي لا تتردد في الدعوة لتهيئة بيئة ملائمة لتسوية النزاعات عبر التفاوض بما يضمن حماية سيادة الدول ومصالح الشعوب، وتؤكد الالتزام العمل مع شركائها الإقليميين والدوليين، بما في ذلك المجموعة الرباعية، لإطلاق عملية انتقالية شاملة تؤدي إلى تشكيل حكومة مدنية مستقلة لا تخضع لسيطرة الأطراف المتحاربة.
قيم إنسانية ودور حضاري
وترى الإمارات أن الخيار العسكري أو التصعيد لا يؤدي إلا إلى الدمار في السودان ويضاعف معاناة المدنيين، وهو ما يتعارض مع القيم الإنسانية ومعايير العدالة الدولية، فإشعال الحرب سيكون كارثياً على الشعب. أكدت وزارة الخارجية التزام الإمارات بدعم عملية يقودها المدنيون وتضع احتياجات الشعب السوداني فوق مصالح أي طرف. وأوضح معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش أن الإمارات تؤدي دوراً مؤثراً إقليمياً ودولياً بقدرتها على التعامل الواقعي والمرن مع المستجدات العالمية، ورفضها الحلول العسكرية في الأزمات السياسية، مؤكداً أننا ندعم حكماً مدنياً مستقلاً عن أطراف الحرب، وأن وقف النار والإغاثة الإنسانية والحكم المدني يمثل موقف الدولة من السودان.
كما أكدت الإمارات رفضها القاطع لأي محاولات لفرض حلول أو أجندات خارجية على السودانيين، وهو ما يعكس التزاماً بمسار سوداني خالص بعيداً عن الوصاية، ويتمثل ذلك عبر الدور الذي تلعبه من خلال القنوات الدبلوماسية متعددة الأطراف.
إن هذا النشاط الدبلوماسي يعكس ثوابت الدولة التي طالما عبّرت عنها في كثير من المواقف بضرورة توقف الصراعات وتكاتف الجهود لتحقيق الأمن الجماعي، وتبرز الإمارات بثبات أنها حكمةٌ وليست موقفاً عابرًا، بل منهاج حياة حضاري متجذر في عمق التاريخ والجغرافيا. وتلتزم في جهودها للوساطة ومساعيها الحميدة بميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي، وتؤدي دوراً ريادياً في الوساطة في النزاعات الإقليمية والدولية وتدير سياستها بثقة واعتدال، تقود جهود التهدئة وتبني المستقبل على أسس التعاون والتفاهم المشترك بين الشعوب.
هذا الدور نتاج رؤية ثاقبة وقيادة حكيمة، جعلت من الإمارات من أوائل الدول في الخدمات الإنسانية، وتلقيت ردود إيجابية من المسؤولين الأوروبيين والمنظمات الدولية، مثل الاتحاد الأوروبي ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية وبرنامج الأغذية العالمي والمفوضية السامية للاجئين ومنظمة الصحة العالمية. وهذا يؤشر إلى أن الإمارات تتبوأ موقعاً محورياً في إدارة الأزمات الإنسانية، وتستطيع أن تكون نموذجاً عالمياً يحتذى به في الوساطة السياسية والدعم الإنساني الفعّال. فالعالم اليوم بأمسّ الحاجة إلى صوت الحكمة الذي تتبنّاه الإمارات، وهي تظل مركزة على الهدف الأهم وهو تخفيف معاناة الشعب السوداني ووقف إطلاق النار.








