الاجتماع وتبادل التقدير
التقى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله ورئيس جمهورية كوريا مون جاي-إن في قصر الوطن بأبوظبي يوم الثلاثاء 18 نوفمبر 2025 في إطار زيارة دولة جرت خلال هذه الزيارة، وأعرب الجانبان عن تقديرهما للنمو المتسارع في التعاون بين البلدين في مجالات الطاقة والبناء والبنية التحتية والتجارة والاستثمار والدفاع والتكنولوجيا الدفاعية والفضاء والتكنولوجيا المتقدمة بما فيها الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى الصحة والخدمات الطبية والزراعة والتعليم والتبادل بين الشعوب منذ إقامة العلاقات الثنائية في عام 1980.
وأشاد الجانبان بالتطور الكبير الذي تشهده العلاقات الثنائية خاصةً بعد توقيع مشروع محطات براكة للطاقة النووية مع الشركات الكورية في عام 2009، وإرسال وحدة “الأخ” إلى دولة الإمارات في 2011.
كما شدد الجانبان على عمق علاقات الصداقة بينهما على الصعيدين الآسيوي والشرق الأوسط، بناءً على الشراكة الاستراتيجية الخاصة التي تأسست في عام 2018.
ويظهر هذا بشكلٍ جلي من خلال التعاون الثنائي المستمر ضمن البرامج القائمة في قطاع الفضاء، والتي امتدت على مدار عقدين، حيث توج هذا التعاون بمشاريع حديثة من أبرزها القمر الاصطناعي الراداري “اتحاد-سات” والذي تم تطويره بالشراكة مع شركة “ساتريك إنيشياتيف” الكورية في عام 2025.
كما تعكس الإنجازات السابقة – بما في ذلك إطلاق القمرين “دبي سات-1″ و”دبي سات-2” – الجهود المشتركة في تطوير الأقمار الصناعية وتبادل المعرفة بشكل مستدام.
كما احتضنت جمهورية كوريا الاختبارات البيئية الخاصة بأول قمر صناعي إماراتي “خليفة سات” والذي تم تطويره بالكامل داخل دولة الإمارات، حيث تشكل هذه الجهود ركائز التعاون القائم بين البلدين في مجالات متعددة مثل الرصد والمراقبة في قطاع الفضاء و”الوعي بالمجال الفضائي” وتقنيات الفضاء المتقدمة واكتشافه.
إطار الشراكة والتوجه المستقبلي
وفي إطار الثقة الراسخة والاحترام المتبادل وبما يعكس قيم التضامن، اتفق الجانبان على تعزيز الشراكة الإستراتيجية الخاصة بين دولة الإمارات وجمهورية كوريا والارتقاء بها إلى آفاق جديدة وراسخة، بهدف البناء على علاقات مستدامة ووطيدة قادرة على الصمود أمام التغيرات الدولية، بما يعود بالمزيد من الخير والنماء والازدهار على البلدين والشعبين الصديقين.
وعلى ضوء “مئوية الإمارات 2071″، والتي تمثل خارطة طريق وطنية تهدف إلى تعزيز مكانة دولة الإمارات بين أفضل دول العالم بحلول عام 2071، أكد الرئيسان أن جمهورية كوريا شريك موثوق يتمتع برؤية مستقبلية تهدف إلى دعم مسيرة دولة الإمارات نحو تحقيق رؤيتها بعيدة المدى.
وفي هذا السياق، أكد الجانبان التزامهما بتعزيز التنسيق وتكامل الجهود بين البلدين، بما يرسخ التعاون وتعزيز شراكة تمتد إلى المئوية المقبلة.
كما اتفق الجانبان على توطيد إطار تعاون مستقبلي، يركّز على النمو المشترك والازدهار المتبادل في المجالات الاستراتيجية والرائدة عالميًا، بما في ذلك قطاع الدفاع والتكنولوجيا الدفاعية، والتقنيات المتقدمة والناشئة بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والكمّي، والطاقة النووية والصحة العامة والرعاية الطبية والأمن الغذائي والتبادل الثقافي، كما شددا على التزامهما بتعزيز شراكة تقوم على الثقة المتبادلة والازدهار المشترك ومواءمة الخطط الاستراتيجية بعيدة المدى بين البلدين.
وبهدف تسريع النمو المشترك والازدهار المتبادل، أكدا الجانبان التزامهما بتعزيز آلية تعاون عملية ومستدامة تعود بالنفع على الجانبين، بما في ذلك تأسيس منصات مشتركة للبحث والتطوير وتنمية قطاع التكنولوجيا وتبادل الخبرات والمعرفة وبناء سلاسل توريد للموارد الأساسية، وإرساء نموذج تعاوني للإنتاج والدخول المشترك إلى أسواق دول ثالثة.
التعاون في مجالات استراتيجية محددة
في مجال الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات، تهدف الدولتان إلى البحث في المشاريع التي تعمل على تعزيز التعاون وتلبية الاحتياجات والقدرات الاستراتيجية، بما في ذلك مبادرات الاستثمار والتطوير والتصدير المشتركة، مثل إنشاء وتشغيل مراكز البيانات الخاصة بالذكاء الاصطناعي والتي تعتمد على استراتيجيات مزج مصادر الطاقة لدى البلدين، إضافة إلى مشاريع استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير الموانئ على المستوى العالمي من خلال تقنية التوأمة الرقمية والذكاء الاصطناعي الفيزيائي.
علاوة على ذلك، ستُطلق الدولتان حواراً وزارياً رفيع المستوى لتوطيد التعاون في مجال حوكمة الذكاء الاصطناعي المسؤول والأمن السيبراني بهدف تعزيز مرونة منظومة أشباه الموصلات وتطوير الجهود المشتركة في مجال الذكاء الاصطناعي.
في مجال الطاقة النووية المدنية، سيعمل الجانبان على توطيد التعاون في مجال الوقود النووي والصيانة والتحول الرقمي لتعزيز كفاءة واستقرار عمليات محطة براكة للطاقة النووية، كما أكدا التزامهما بتأسيس إطار تعاون يعود بالمنفعة المتبادلة ويتيح الدخول المشترك للأسواق العالمية من خلال دعم “نموذج براكة”.
وفق أهداف الشراكة الإستراتيجية الشاملة للطاقة وبناءً على مخرجات لجنة المشاورات رفيعة المستوى بشأن التعاون النووي، شدد الجانبان على التزامهما بدعم أهداف الطاقة النظيفة على المستوى العالمي والمساهمة في النمو المستدام وتطوير حلول خفض الانبعاثات الكربونية، من خلال التعاون في تقنيات الجيل القادم واستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بهدف تحسين كفاءة محطات الطاقة النووية كمصدر موثوق وآمن، ومواصلة التعاون في مجال التدريب وبناء قدرات القوى العاملة والأمن النووي ونظمه، وإرساء الدعائم لإنشاء مشاريع طاقة نووية في دول ثالثة.
في مجال الدفاع الوطني والتكنولوجيا الدفاعية، ستعمل الدولتان على تطوير التعاون في هذا المجال ليشمل الإنتاج المشترك والتطوير التقني ونقل المعرفة والتعاون في مجال التكنولوجيا والإنتاج المحلي.
كما أكّد الجانبان على أهمية برامج تبادل المعرفة وبناء القدرات، لدعم القدرات الدفاعية الوطنية المستدامة.
المجالات الحيوية الأخرى والتبادل الثقافي والتعليمي
في مجال المياه، أكدّ الجانبان على الأهمية المتزايدة لهذا القطاع ضمن جهود العمل المناخي والتنمية المستدامة، كما ألقيا الضوء على الدور المحوري لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه لعام 2026، الذي تستضيفه الإمارات بالشراكة مع السنغال والمقرر عقده في ديسمبر 2026، لتعزيز الجهود العالمية في مجال المياه، وأشارا إلى مساهمات كلا الدولتين في تعزيز التكنولوجيا والابتكار في مجال المياه وتوسيع نطاق الحلول في هذا المجال، بما في ذلك إطلاق مبادرة محمد بن زايد للمياه.
في مجال الصحة العامة والرعاية الطبية، انطلاقاً من مكانة الإمارات كأكبر دولة في الشرق الأوسط في إحالة المرضى إلى كوريا، إضافة إلى وجود ست مؤسسات طبية كورية في الإمارات، ستعمل الدولتان على تشجيع إنشاء مركز لتقديم الرعاية ما قبل وبعد العلاج للمرضى المقيمين في الإمارات، وبحث إنشاء مجمّع طبي كوري شامل لتعزيز الأبحاث المشتركة والاستثمارات في مجالات الأدوية والأجهزة الطبية الرقمية والطب التجديدي.
كما اتفق الجانبان على توسيع نطاق التعاون التنظيمي ليشمل الصحة الحيوية، ومجالات التجميل، والمنتجات الطبية المدعومة بالذكاء الاصطناعي والأبحاث ذات الصلة.
في مجال التعليم، ستعمل الدولتان على تشجيع الزيارات المتبادلة وبرامج التدريب وتنمية المواهب وتوفير فرص التدريب العملي للشباب بين المؤسسات الرئيسية والجهات التعليمية والهيئات الحكومية، بما يساهم في توسيع آفاق التبادل بين الأجيال المقبلة.
في مجال الثقافة والتبادل بين الشعوب، أكدا التزامهما بدعم الجهود المشتركة لتعزيز مكانة الإمارات كمركز للتبادل الثقافي بما يسهم في توطيد الروابط الثقافية بين كوريا والشرق الأوسط، من خلال البناء على الاهتمام المتزايد بالثقافة الكورية وتعزيز مكانة الإمارات كمركز ثقافي وسياحي في الشرق الأوسط. كما أكد الجانبان على الدور المحوري الذي يمثله التبادل الثقافي في تعزيز الفهم المتبادل وترسيخ القيم المشتركة وتقوية الروابط بين الشعوب، حيث اتفقا على مواصلة المحادثات بشأن المبادرات المختلفة التي تعود بالفائدة على مواطني الدولتين من خلال تعزيز التبادل بين الشعوب.
أعرب الجانبان عن تطلعهما لتطوير مشاريع مبتكرة، مثل “مدينة كي الإماراتية” التي تجمع بين الثقافة والمأكولات الكورية والأعمال والشركات المبتكرة والموارد البشرية المؤهلة والتي يمكن أن تعمل على دمج المجالات الرائدة والمزايا التنافسية لدى البلدين لتعزيز التعاون الثنائي، كما تهدف الدولتان إلى التوسع في دول ثالثة في الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا.
تنفيذ ومتابعة التعاون والآليات التنظيمية
وبهدف إطلاق آفاق جديدة من العلاقات الثنائية، أكّد الجانبان التزامهما ببحث فرص التعاون من خلال تعيين مسؤولين رفيعي المستوى وتشجيع تبادل الزيارات رفيعة المستوى بين الوزارات، بما يعزز التعاون الاستراتيجي بين الدولتين، ويحقق المصالح المشتركة والتقدم لشعبيهما.
سيتولى المسؤولون رفيعو المستوى التواصل بشكل وثيق لتبادل المستجدات المتعلقة بالجهود الثنائية المشتركة، ونقل نتائجها إلى قيادتي البلدين على وجه السرعة، إضافةً إلى الاتفاق على تشكيل فريق عمل رفيع المستوى في وزارة الخارجية الإماراتية ووزارة الخارجية في جمهورية كوريا لضمان تطبيق الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال الاجتماع.
وفي ظل العلاقات الثنائية القوية والشراكة الوثيقة، أكد الجانبان التزامهما بإجراء محادثات بناءة بهدف تعزيز الحوار وروابط التعاون بما يسهم في ترسيخ أساس متين من السلام والازدهار للأجيال القادمة، مؤكدين أن هذه الجهود ستساهم في توسيع الروابط المشتركة، واتفقا على عقد لقاءات بشكل منتظم لتعميق الشراكة الإستراتيجية الخاصة بين دولة الإمارات وجمهورية كوريا.








