أوضح الدكتور محمد فوزي محمد عبد العال أن طفل عمره ست سنوات يبدأ فعليًا رحلة الدراسة عندما يدخل المدرسة وتصبح الواجبات اليومية والتقييمات والامتحانات والأنشطة المصنفة بالدرجات جزءًا من المنهج، وليس اللعب فقط. وأشار إلى أن هذه المرحلة تترافق مع استمرار نمو دماغه في مناطق الانتباه والذاكرة العاملة وضبط الانفعال. كما لفت إلى أن هذه السنوات تشهد تفاعلًا بين الواجبات ومتطلبات التعلم وبين قدرات الطفل في التحكم بالمشاعر والتفكير المنهجي. وأكد أن هذه التطورات تفرض وجود توازن بين الواجبات وبقية أنشطة الحياة لضمان صحة الطفل النفسية والجسدية.
مدة تركيز الطفل
أشار الدكتور إلى أن مدى التركيز المتواصل لدى طفل في عمر ست سنوات قصير عادةً، حيث يظل يلتزم بمهمة واحدة لمدة تتراوح بين عشر إلى عشرين دقيقة قبل أن يظهر الملل أو يبدأ التشتت. وأوضح أن الذاكرة العاملة محدودة ولا يستطيع الطفل حمل تعليمات متعددة في آن واحد كما هو مكتوب: اكتب ثم لون ثم احفظ ثم راجع. وأضاف أن رغبة الطفل في الحركة واللعب عالية وليست شقاوة بقدر ما هي أداة ضرورية لنمو الدماغ وتنظيم المشاعر. وتفيد هذه الحقيقة أن الحركة ليست مجرد نشاط ترفيهي بل وسيلة دعم للانتباه وتنظيم السلوك.
ماذا تقول الدراسات
تشير الدراسات إلى أن الواجبات الطويلة والمتكررة تترافق مع شعور بالإحباط وبكاء وقلق وعدم الاستقرار في النوم عند تلاميذ المرحلة الابتدائية. كما يوضح الأثر النفسي أن الإجهاد الناتج عن المطالب الكبيرة يجعل الطفل يشعر بأن المطلوب يفوق قدراته مما يؤدي إلى حالة من التوتر والاحتراق النفسي. يحذر الخبراء من أن استمرار الضغط يحرمه من الاستمتاع باللعب والراحة والنوم الكافي ويقود إلى تعثر في التوازن بين الدراسة وباقي الحياة. كما يؤكدون أن وجود قدر من التوتر الصحي مقبول كجزء من تعلم الانضباط وتنظيم الوقت، لكن يجب مراقبة العلامات التي تشير إلى تجاوز الحدود.
علامات تحذير عند الضغط الزائد
أوضح الدكتور أن هناك علامات جسدية متكررة قد تشير إلى ضغط زائد مثل صداع مستمر قبل المدرسة وآلام في البطن دون سبب واضح واضطراب في النوم. وأضاف وجود علامات نفسية وسلوكية كالبكاء ونوبات الغضب عند سماع الواجب وتجنب المدرسة أو ادعاء المرض للهروب من الذهاب وانخفاض واضح في الثقة بالنفس وانسحاب اجتماعي وقلة اللعب وفقدان الاهتمام بالهوايات. كما تظهر علامات دراسية عكس المتوقع فيميل الأداء الدراسي للهبوط رغم زيادة الوقت المكرس للواجب وتزداد الأخطاء بسبب الإرهاق. ويمتاز ذلك بأن التعلم يصبح مبنيًا على الضغط لا على الفهم الحقيقي، ما يجعل من الضروري وقف الضغط عند ملاحظة هذه الإشارات.
نصائح عملية للتعامل مع الواجبات
تؤكد النصائح أن الواجبات في الصف الأول والثاني يجب أن تكون بسيطة وبحدود من 10 إلى 20 دقيقة يوميًا بحيث تركز على القراءة القصيرة أو نشاط ممتع مرتبط بالدرس بدلاً من كراسات تُرهق الطالب. كما يمكن أن تزداد إلى نحو 30 دقيقة يوميًا للأطفال في الصفين الثالث والرابع، بشرط أن تكون مقسمة بشكل حكيم مع توفير وقت كافٍ للعب والنوم والحركة. وتؤكد الأبحاث على أن الجودة تفوق الكمية وأن واجبًا قصير الهدف يمنح الطفل شعورًا بالقدرة على الإنجاز أفضل من ساعة كاملة من التكرار والضغط. كما يوصي الطبيب بتنظيم اليوم بما يحمي الصحة النفسية للطفل، مع فترات راحة من 30 إلى 60 دقيقة بعد المدرسة قبل البدء في الواجبات.
إرشادات للأهل أثناء الواجبات
يقترح الدكتور تنظيم اليوم ليحمي صحة الطفل النفسية، مع فترة استراحة بعد المدرسة بين 30 و60 دقيقة قبل البدء في الواجبات. وأشار إلى اعتماد روتين ثابت بتحديد وقت يومي للواجب في مكان هادئ وبعيد عن الشاشات قدر الإمكان. كما ينصح بتجزئة العمل إلى أجزاء صغيرة مع فواصل بينهما وتوفير دور داعم لا مراقب، مع شرح المطلوب بهدوء وترك مساحة للطفل يجرب بنفسه. وحذر من الصراخ أو السخرية من الأخطاء لأنها تربط الواجب بالخوف وتضر بالتعلم.
التركيز على الجهد لا الدرجة
يؤكد الدكتور أهمية الثناء على الجهد المبذول والالتزام بدلاً من التطرق للدرجة النهائية، فهذه المقاربة تحمي الطفل من القلق المفرط المرتبط بالأرقام والنتائج. وتُعد هذه الاستراتيجية جزءًا من دعم الثقة بالنفس وتدعيم الشعور بالقدرة على التعلم، خاصة عند الأطفال في هذه المرحلة العمرية. كما تبرز أهمية تشجيع المحاولة والمداومة وتقبل الأخطاء كجزء من التعلم. وفي النهاية يظل الهدف تعزيز السلوك الصحي في العائلة والمدرسة مع تقليل الضغط غير الضروري.








