يتضح أن الإرهاق المستمر يمكن أن يكون نتيجة للحساسية حتى وإن كان النوم كافيًا. لا يقتصر الأمر على أعراض العطس والانف المسدود فحسب، بل يمتد إلى تفاعل مناعي يستهلك طاقة الجسم بشكل مستمر. تشير مصادر طبية إلى أن المواد الالتهابية التي يفرزها الجهاز المناعي عند التعرض للمحفزات مثل حبوب اللقاح أو وبر الحيوانات قد تثير شعورًا بالتعب والنعاس واضطرابًا في اليقظة. وتُعرف هذه الظواهر أحيانًا بظاهرة ضباب الدماغ التحسسي التي ترتبط بتغيرات في النوم واليقظة لدى المصابين.
يصبح القتال الدفاعي للجسم أشبه بحالة مستمرة من الالتهاب منخفض الشدة، مما يجعل الدماغ يعمل بنشاط أقل ويستهلك الطاقة بشكل زائد. ولأن الالتهاب يعطل وظائف المسارات العصبية المرتبطة بالنوم، يتأثر النوم وتقل جودة الراحة حتى وإن امتدت ساعات النوم. وتظهر النتائج أن السيتوكينات والهيستامين التي يفرزها الجهاز المناعي تؤثر في مراكز النوم في الدماغ، مما يفسر الشعور الدائم بالكسل واضطراب اليقظة. وبذلك يترتب على التحفيز المناعي أثر مركب يشمل الذاكرة والتركيز والتهيج الذهني.
التأثير المناعي والمواد الالتهابية
تؤثر المواد الالتهابية مثل الهيستامين والسيتوكينات في وظائف الدماغ وتحديداً في مراكز النوم واليقظة، مما يفسر صعوبة الاستيقاظ والضعف الذهني المصاحب للحساسية. وتُفسر هذه الآثار بوجود ضباب الدماغ التحسسي الذي يربط بشكل واضح بين النعاس وتقلبات اليقظة خلال اليوم. وتؤكد الدراسات أن هذه الوسطاء الكيميائية تخفض سرعة التفكير وتشتت الانتباه وتضعف الدقة في التركيز.
الأدوية وتأثيرها
ليست الحساسية وحدها سببًا للنعاس؛ فبعض مضادات الهيستامين التي تستخدم للتحكم في الأعراض قد تسبب النعاس أيضًا. فمثلاً دواء الجيل الأول مثل ديفينهيدرامين وكلورفينيرامين يؤديان إلى تأثيرات مباشرة على الجهاز العصبي لأنها تعبر الحاجز الدموي الدماغي بسهولة، ما يترتب عليه الشعور بالتعب. أما أدوية الجيل الثاني مثل سيتريزين ولوراتادين فآثارها أقل عادة، لكنها قد تسبب نعاسًا لدى بعض الأشخاص أو عند تداخلها مع كحول أو أدوية أخرى.
النوم واضطرابه
تؤدي احتقان الأنف والسعال الليلي والعطس المتكرر إلى نوم متقطّع يجعل الوصول إلى مراحل النوم العميق أمرًا شبه مستحيل. وعندما يستيقظ الشخص أكثر من مرة أثناء الليل تفقد الدورة الطبيعية للنوم أهم مراحلها التي تعيد النشاط. مع مرور الوقت، تزداد الحساسية وتضعف المناعة، مما يفاقم أعراضها ويستمر في تقليل جودة النوم. لذلك تُوصي المعاونة الطبية بتهيئة غرفة النوم وتخفيف المحفزات عبر إغلاق النوافذ في مواسم الحبوب، وتنظيف الفراش أسبوعيًا، واستخدام أجهزة تنقية الهواء لتقليل جزيئات التهيج.
نمط حياة مضاد للحساسية
لا يقتصر التحكم بالحساسية على الدواء بل يتطلب اتباع نمط حياة مناسب. ينصح بالاستحمام بعد العودة من الخارج لإزالة الغبار وحبوب اللقاح من الجلد والشعر. كما يساعد تنظيف الحيوانات الأليفة بشكل منتظم وتقليل وبرها في المنزل في تقليل انتقال المهيجات. وتُستخدم المحاليل الملحية للأنف لطرد المهيجات من الممرات الأنفية وتجنب الكافيين في المساء لأن القهوة قد تزيد اضطرابات النوم المرتبطة بالحساسية.
العلاج المناعي والوقاية
تعد خيارات العلاج طويلة المدى مثل حقن الحساسية (العلاج المناعي) خيارًا فعالاً لتقليل استجابة الجهاز المناعي تدريجيًا مع مرور الوقت، مما يخفف الأعراض ويقلل من جانب الإرهاق. وتوصي الإرشادات الطبية بمراجعة الطبيب لتحديد الملاءمة وتقييم الجدول العلاجي المناسب. كما أن العلاج المناعي يحتاج إلى متابعة دقيقة ومدة زمنية قد تمتد إلى أشهر حتى تتحسن الأعراض وتقل الحاجة إلى الأدوية.
متى يجب استشارة الطبيب؟
إذا استمر الشعور بالإرهاق واضطراب التفكير رغم اتباع العلاج، فربما تكون الحساسية جزءاً من المشكلة فقط. قد تتشابه الأعراض مع عدوى فيروسية أو اضطرابات الغدة الدرقية أو فقر الدم، لذا يُنصح بمراجعة الطبيب لإجراء فحوصات دقيقة واستبعاد أسباب أخرى. ويحدد الطبيب الاختبارات المناسبة بناءً على الأعراض ويقترح خطة علاج مناسبة.








