أعلن ترامب أن الولايات المتحدة ستعمل مع الإمارات والسعودية ومصر وشركاء آخرين في الشرق الأوسط لإحلال السلام في السودان، محدداً أن العودة إلى التفاوض ضرورة، مع إشعار بأن الإمارات تبذل جهداً لضمان وقف إطلاق النار، وأن المسار السياسي سيكون بقيادة رباعية الدول المعنية لإحلال سلام مستدام بعيداً عن حكم العسكر.
الرباعية في قلب المسار السوداني
تتصدر الإمارات تحركات دولية وإقليمية لوقف النزيف السوداني وإعادة الحكم المدني، وتستند خطة الطريق التي وضعها الرباعية إلى مسار تفاوضي صارم يفضي إلى وقف نار مراقَب ثم مسار تفاوضي ملزم، وهو ما أكد عليه إعلان ترامب بانخراطه في الملف وتوجيهه دفعة جديدة لخطة العمل.
يرى خبراء الشؤون الأفريقية والدولية أن تصريحات ترامب شكلت نقطة تحول في أسلوب المجتمع الدولي في التعامل مع الأزمة، إذ شددت على إنهاء الحرب فوراً والانخراط في حل سلمي شامل، وهو ما عزز الأعمال التي تقودها الرباعية لإعادة الأطراف إلى طاولة الحوار.
أصول الأزمة ومسار المصالحة
يؤكد خبراء أن هذه الرسالة الأميركية الجديدة منحت زخماً غير مسبوق لجهود المجتمع الدولي، وأعادت التأكيد بأن استقرار السودان أصبح أولوية عالمية مع تزايد المخاطر الإنسانية والأمنية وتوسع خطوط النزاع التي تهدد التوازن الإقليمي في القرن الأفريقي والساحل.
يشرح جمال الدين البيومي أن السودان يقع في وجدان العرب كمساحة تجمع بين الأمة وتاريخاً مشتركاً، وأن جذور الأزمة ترتبط بالبنية القبلية التي برزت ثم تطورت إلى انقسامات هيكلية حتى بين العائلات الكبرى، وهو أمر أثر في وحدة الدولة وأدى إلى انقسام القوات المسلحة وتفجر صراعات متداخلة.
دور الإمارات والجهود العربية
يؤكد البيومي أن جهود الإمارات تمثل بارقة أمل لإعادة رأب الصدع، فالإمارات تمتلك إرثاً في دعم المصالحات العربية ولمّ الشمل منذ عهد الشيخ زايد، وهو ما يعكس قدرتها على إدارة ملفات معقدة وتحقيق اختراقات ملموسة في مسارات السلام بفضل أدوات تأثيرها المتعددة.
ويؤكد أن الدور العربي، وفي مقدّمته الإمارات، يظل الأقدر على قيادة السلام في السودان مع تقدير للموقف الإيجابي من جانب الولايات المتحدة، فالتوافق العربي-الأمريكي يشكل قاعدة صلبة لأي تسوية دائمة في بلد يربط مصيره بمصائر المنطقة.
ويؤكد خبراء متخصصون في الشأن الأفريقي أن الإمارات تواصل تثبيت موقعها كفاعل رئيسي في المسار الرباعي من خلال تمكين الحلول السلمية ودعم مؤسسات الدولة السودانية بعيداً عن صراع البنادق، وهو ما يمنحها مصداقية لدى الفاعلين الإقليميين والدوليين، إضافة إلى كونها مزوداً رئيساً للمساعدات الإنسانية والمحفِّز للحوار بين الحكومة المدنية والقوى المختلفة.
وتشير رئيْة نورهان شرارة إلى أن الإمارات تظل حاضرة بقوة في المشهد منذ اليوم الأول للحرب، كوسيط وضاغط إقليمي ومزود مساعدات رئيسي، وهو ما يجعلها عنصراً لا غنى عنه في أي مبادرة وساطة دولية إلى جانب شركائها، مع ربط معادلة السلام باستراتيجيتها في الأمن البحري والقرن الأفريقي.
وترى شرارة أن الرباعية تعزز الاستقرار الإقليمي في القرن الأفريقي والساحل، وتقلل مخاطر توسع العنف عبر الحدود ونزوح السكان وتفكك السودان كمقدمة لانطلاق جماعات مسلحة، لكنها تشدد على أن نجاح المسار يتطلب آليات تنفيذ ومراقبة واضحة، تشمل فرقاً أمنية وإقليمية وآليات عقوبات سريعة في حال الخروقات، وتوسيع المشاركة لتشمل القوى المدنية والقبلية والنساء والشباب، وربط المساعدات الإنسانية والتنموية بتنفيذ بنود الاتفاق لضمان الالتزام المستدام.
باختتام، تبقى الصورة مفتوحة أمام مسار تفاوضي حازم يقيّد العنف ويرسّخ التحول السياسي، ويعتمد على وجود تنسيق قوي بين الولايات المتحدة والإمارات والسعودية ومصر، مع إدراك أن نجاح المسار يتطلب حزمة من الشروط التنفيذية القابلة للرصد والمحاسبة، وإشراك مختلف الفاعلين المحليين والالتزام بتوفير الدعم الإنساني ضمن مسار واضح يرتبط بتحول سياسي حقيقي في السودان.








