تؤكد معاليها أن دولة الإمارات تواصل ترسيخ مكانتها كلاعب دولي رئيسي في دعم وتحقيق أهداف اتفاقية سايتس، من خلال تبني نهج ريادي يدمج بين تشريعات مبتكرة وأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي، لضمان حماية فعالة ومستدامة للحياة الفطرية والأنواع المهددة بالانقراض، ومكافحة الجرائم البيئية العابرة للحدود.
جاء ذلك خلال إلقاء البيان الوطني لدولة الإمارات في الحوار رفيع المستوى ضمن فعاليات مؤتمر الأطراف العشرين لاتفاقية الاتجار الدولي بالأنواع الحيوانية والنباتية المهددة بالانقراض سايتس (COP20)، المنعقد حالياً في مدينة سمرقند بجمهورية أوزبكستان، وهو الحدث الأبرز عالمياً لصنع القرارات المتعلقة بتنظيم التجارة الدولية في الحياة الفطرية الذي يجمع ممثلي 184 طرفاً لرسم مستقبل الحفاظ على التنوع البيولوجي العالمي.
تشريعات مبتكرة وسياسة “عدم التسامح المطلق”
وأكدت معالي الوزيرة أن الإمارات كمرجع تجاري عالمي تطبق سياسة “عدم التسامح المطلق” مع الاتجار غير المشروع بالأنواع المهددة بالانقراض، واستعرضت ملامح التحديث التشريعي الجاري للقانون الاتحادي الذي يمثل نموذجاً للتشريعات المبتكرة والرادعة، ويتضمن تشديداً للعقوبات يصل إلى 15 سنة سجن وفرض غرامات تصل إلى 2 مليون درهم، لبعث رسالة واضحة بأن دولة الإمارات بيئة طاردة للمتاجرين بالحياة الفطرية والأنواع المهددة بالانقراض. كما أشارت إلى الربط المبتكر بين الجرائم البيئية واستراتيجية مكافحة غسل الأموال لتفكيك البنية المالية للشبكات الإجرامية.
الذكاء الاصطناعي في خدمة الامتثال
وأشارت معالي الضحاك خلال المؤتمر إلى خطوة رائدة تعكس تسخير الدولة للتكنولوجيا المتقدمة في خدمة البيئة، وهي “نظام التحقق الذكي من شهادات سايتس المدعوم بالذكاء الاصطناعي”، الذي تم تطويره بشراكة استراتيجية مع شركة IBM، وأوضحت أن هذا النظام يضع معياراً جديداً؛ حيث يستبدل الإجراءات اليدوية بمنظومة أتمتة فورية وآمنة، تتيح كشف الاحتيال في الوقت الفعلي، وتضمن موثوقية سلاسل التوريد، ما يعزز الثقة العالمية في التجارة القانونية الصادرة من الدولة.
إرث متجذر من الالتزام
وفي سياق حديثها عن جذور هذا التوجه الوطني، أشارت معالي الضحاك إلى أن التزام دولة الإمارات بحماية الحياة الفطرية هو مبدأ راسخ يمتد لخمسين عاماً، ومستورَد من الرؤية الاستشرافية للمؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. وأوضحت أن هذا الإرث كان الدافع وراء انضمام دولة الإمارات المبكر لاتفاقية سايتس منذ عام 1974، ويستمر اليوم كمحرك لتطوير منظومة متكاملة تجمع بين الأصالة والحداثة.
ملف “الجرائم السيبرانية ضد الحياة الفطرية” على رأس أولويات “مؤتمر الأمم المتحدة لمنع الجريمة 2026”
وفي نظرة استشرافية لمستقبل العمل الدولي، أكدت معالي الضحاك أن دولة الإمارات، بصفتها الدولة المستضيفة لمؤتمر الأمم المتحدة لمنع الجريمة 2026، ستقود حراكاً عالمياً جديداً عبر وضع ملف “الجرائم السيبرانية ضد الحياة الفطرية” على رأس الأولويات الدولية، للتصدي بحزم للتهديدات الرقمية الناشئة التي تستهدف التنوع البيولوجي. وأوضحت أن هذا النهج الأمني المتطور يسير بالتوازي مع إنجازات بيئية ملموسة على أرض الواقع، حيث نجحت البرامج العلمية الوطنية في تحويل خطر الانقراض إلى قصص ازدهار، كما يتجلى في جهود دولة الإمارات الملموسة في تعافي قطعان المها العربي وعودة طيور الحبارى إلى الطبيعة، مما يبرهن على شمولية النموذج الإماراتي الذي يتجاوز الإنفاذ القانوني إلى الرعاية الشاملة.
قيادة التعاون الدولي
واختتمت معالي الضحاك بالتأكيد على الدور القيادي لدولة الإمارات في العمل الدولي المشترك، مستشهدة بنجاح “المبادرة الدولية لإنفاذ القانون من أجل المناخ” (I2LEC) التي أطلقتها الدولة بالتعاون مع الإنتربول ومكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة، والتي أثمرت عمليات ميدانية ناجحة مثل “درع الغابة” التي نفذت في منطقة وسط أفريقيا، حيث أسفرت عن اعتقال 58 متورطاً ومصادرة ما يزيد عن طنّين من العاج غير المشروع. وأكدت أن هذه النتائج تثبت انتقال الإمارات من مرحلة الامتثال الوطني إلى مرحلة القيادة الاستباقية لإنفاذ القانون عالمياً، ومساهمتها في تفكيك الجريمة المنظمة في معاقلها، وأحد ملامح هذا التحول هو المساهمة في تأهيل الكوادر البشرية لوضع حد للاتجار بالأنواع المهددة بالانقراض، حيث قامت الإمارات عبر المبادرة بتدريب ضباط إنفاذ القانون من أكثر من 123 دولة.
وجددت معالي الضحاك التزام وجاهزية دولة الإمارات لمشاركة حلولها التقنية المتطورة وتعزيز شراكاتها الاستراتيجية، وضمان أن تترجم التزامات سايتس إلى أثر مستدام يحمي الحياة الفطرية في كل أنحاء العالم.








