رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

دراسة تربط بين بعض أنواع الخرف المبكر وانخفاض متوسط أعمار المرضى

شارك

أعلنت دراسة فنلندية واسعة النطاق أن المصابين بالخرف المبكر يعيشون في المتوسط أقصر بنحو تسع سنوات بعد التشخيص مقارنة بالأشخاص الأصحاء من نفس الفئة العمرية. كما توضّح أن بعض الأنماط الفرعية مثل الخرف الجبهي الصدغي ترتبط بخطر وفاة أعلى. هذا الاختلاف في معدلات الوفاة يعتمد على نوع الخرف وليس العمر وحده. وتظهر النتائج أن توقيت التشخيص قد يؤثر في مسار المرض وإداره.

اختلاف النوع يغير المسار

شملت الدراسة نحو 800 مريض تم تشخيصهم قبل سن 65، ومقارنة نتائجهم مع نحو 8000 شخص سليم من نفس الفئة العمرية. أظهرت النتائج أن الخرف الجبهي الصدغي كان الأكثر خطورة، إذ زاد احتمال الوفاة نحو 14 ضعفًا مقارنة بغير المصابين، وتلاه اعتلال ألفا-سينيوكليين، بينما كان خرف ألزهايمر المبكر الأقل خطورة من حيث معدلات الوفاة. وتشير الأرقام إلى أن مدى الخطر يختلف بشكل كبير حسب النوع الفرعي للمرض.

العمر ليس العامل الوحيد

أوضحت النتائج أن المخاطر لا تتعلق فقط بنوع الخرف، بل تتأثر بعوامل مثل الجنس الذكري ووجود أمراض مزمنة كالسُكري وارتفاع الضغط، إضافة إلى التاريخ العائلي للمرض. ومع كل سنة إضافية من العمر عند التشخيص ترتفع احتمالات الوفاة قليلًا. وهذا يشير إلى أن توقيت التشخيص قد يكون عاملًا فارقًا في إدارة المرض.

إطار الدراسة ونتائجها

جرَت الدراسة في مستشفيات جامعية بفنلندا خلال الفترة من 2010 إلى 2021 باستخدام منهجية المتابعة الطولية لتحديد معدل البقاء على قيد الحياة منذ لحظة التشخيص. أظهرت البيانات أن نحو ربع المرضى توفوا خلال فترة المتابعة، وأن متوسط البقاء بلغ 8.7 سنوات. أما مرضى الخرف المبكر من ألزهايمر فكان وضعهم الأفضل، حيث بلغ معدل البقاء نحو عشر سنوات، بينما كان الأسوأ بين الخرف الجبهي الصدغي أو اعتلال ألفا-سينيوكليين بنحو سبع سنوات.

دلالات سريرية مهمة

يرى الباحثون أن هذه النتائج لها أهمية عملية للأطباء والمتخصصين في الأعصاب، إذ تسهم في تحديد أولويات المتابعة والرعاية للمصابين بالخرف المبكر. فمعرفة أن نمطًا معينًا يحمل مخاطر وفاة أعلى تدفع إلى وضع خطط علاجية دقيقة ومتابعة لصيقة لحالة المريض. كما تفيد النتائج العائلات في فهم مسار المرض وتخطيط الدعم النفسي والاجتماعي للمريض في مراحله المختلفة.

القيود العلمية للدراسة

على الرغم من قوة العينة وتحليلها الإحصائي المتعمق، أشار الباحثون إلى وجود قيود مثل العدد المحدود من التشخيصات المؤكدة عبر فحوص عصبية دقيقة، والاعتماد على سجلات المرضى بدلاً من التقييم السريري المباشر في بعض الحالات. كما أن بعض الأنواع الفرعية كانت نادرة نسبيًا، مما قلل من إمكانية استخلاص نتائج تفصيلية عنها. ومع ذلك تؤكد الدراسة أن العلاقة بين نوع الخرف المبكر ومتوسط البقاء ليست مصادفة بل تعكس اختلافات جوهرية في مسار المرض وتأثيره على وظائف المخ الحيوية.

تطلعات وخطوات مستقبلية

يشير الباحثون إلى أن الخطوة التالية تتمثل في دراسة الأسباب البيولوجية وراء تفاوت معدلات الوفاة، خصوصًا في الخرف الجبهي الصدغي الذي يبدو أكثر عدوانية. ومن المتوقع أن تفتح النتائج الباب أمام تطوير علاجات موجهة تستهدف آليات المرض المحددة لكل نوع فرعي بدلاً من اتباع نهج واحد للجميع. كما ستساهم في تحسين خطط الدعم الصحي والنفسي للعائلات وتوجيه البحوث نحو علاجات مستهدفة.

مقالات ذات صلة