رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

دخول الحمام في الفضاء: الحفاضات وتدوير البول إلى ماء للشرب

شارك

أعلنت ناسا في عام 1961 عن خطة السفر إلى الفضاء مع تخطيط دقيق للمسارات والهبوط، لكنها لم تضع في الاعتبار مسألة دخول الحمام للرائد. كان الرائد آلان شيبرد ينتظر الإطلاق لساعات، وعندما أُذِن له بالإطلاق كانت المثانة ممتلئة بشكل مزعج. طلب منه الفريق الانتظار وعدم التبول، فتبول وهو مرتدي بدلة الفضاء بسبب غياب نظام جمع البول. أظهرت الحادثة ثغرة أساسية في تصميم الرحلات الفضائية وتبيّن أن الإنسان يحتاج إلى حل عملي لهذه المشكلة قبل أي مهمة.

التبول في البدلة الأولى

أشارت تقارير موقع Space إلى أن التعليمات كانت تقضي بأن يُفعل الرائد ذلك وهو يرتدي بدلته، فتبول شيبرد وهو في البدلة بسبب غياب نظام لجمع البول. لم تكن البدلة الأولى من ناسا مزودة بنظام لجمع البول، فحدث تلوث جزئي للأجهزة الحيوية. مع ذلك، لم تخطط الوكالة حينها لتوفير حل فعّال قبل الرحلات، كما أن مهمة جون جلين المدارية عام 1962 شهدت ظهور نظام جمع بول أكثر موثوقية. هذه التجارب دفعت NASA إلى تطوير أنظمة أكثر أماناً واحتواءً للفضلات البشرية.

أدوات جمع البول الأولى

طورت ناسا في مراحل لاحقة أداة جمع البول بثلاثة أحجام أُطلق عليها أصفاد اللف، وكانت مصنوعة من اللاتكس وتربط بأنبوب وصمام ومشبك وحقيبة تجميع. لم تكن هذه الأدوات مناسبة بشكل كامل للنساء وتعرضت لتسريبات أحياناً. استمرت التحديات حتى ظهور أنظمة أفضل مع برامج أبولو وأجيال رواد فضاء أقوى. أظهرت هذه الجهود أن الحلول المؤقتة تحتاج إلى تطوير مستدام وآمن لرحلات طويلة.

أرسلت ناسا في بعثات جيميناي أكياس فضلات لاصقة برواد الفضاء، وكانت تُلصق على البدلات وتُغلق الكيس وتُعالج بالأساس بمطهر بكتيري لضمان استقرار البراز. اعتمدت مهمات أبولو أيضاً على أنظمة مشابهة حتى تم تطوير خيار أكثر احتواءً للبراز خارج المركبة. وفي أبولو 10 أشار الرائد ستافورد إلى وجود فضلات تطفو في الهواء، بينما نفى زميله جون يوند أنها تخصه. بناءً على هذه التجارب طورت الوكالة نظاماً للبراز يعتمد سروالاً داخلياً يمتص ويدخل في حاويات مخصصة للنفايات.

المراحيض في سكاي لاب وتطورها

بدأت محطة سكاي لاب في 1973 بتوفير أول مرحاض فضاء فعّال، إذ كانت فتحة في الحائط متصلة بمروحة ووعاء بلاستيكي. استخدم الرواد بعد الاستخدام جهازاً كهربائياً لشفط البراز وتجميده ثم إلقائه في حاوية النفايات، كما اعتمدوا على قيود على الفخذ أثناء الجلوس لتقليل الحركة في بيئة انعدام الجاذبية. وتطورت هذه التجربة لتؤسس مرحاضاً أكثر راحة يسيطر على الرائحة ويُثبت على مقعد أصغر من مقاعد المنازل. هكذا أصبح وجود مرحاض فعال في المحطات الطويلة أمراً ضرورياً للعيش والعمل خارج الأرض.

مرحاض ISS والجيل الحديث

تم تصميم المرحاض الأساسي في محطة ISS في 2000 خصيصاً للرجال وكانت له صعوبات في استخدام النساء، إذ كان يلزم التبول واقفاً وللتبرز استخدمت رُبُط للفخذ لإغلاق المقعد. كما أن النظام لم يكن مثالياً من حيث النظافة والتعقيم. لذلك اعتمدت NASA أسلوباً حديثاً يعتمد احتواء امتصاصاً للاستخدام الواحد مع تدريبات مكثفة على الأرض، وتدعيم فتحته بفتحة أضيق من المعتاد بحوالي أربعة بوصات وتدريب على الأرض مع وجود كاميرا تحت المقعد في بعض التجارب لضبط التصويب.

التقنيات الحديثة ومعادلة المياه

أعلنت NASA في 2018 عن استثمار قدره 23 مليون دولار لتطوير مرحاض فضاء متطور يتكوّن من جزأين؛ خرطوم مزود بقمع للبول ومقعد مرتفع مخصص للتبرز مع مقابض للمساعدة في الثبات. يمكن للرواد الجلوس أو الوقوف مع الإمساك بالقمع والخرطوم بإحكام لمنع التسرب، بينما يُرفع الغطاء لبدء الشفط مع تثبيت المقعد لمنع الانزلاق. كما يتيح النظام معالجة الروائح وتخزين الفضلات في حاويات تُحمل مع الإمدادات ثم تحترق في الغلاف الجوي عند عودتها إلى الأرض.

دور الرائدات والدورة الشهرية

تستخدم مراحيض محطة الفضاء الدولية عادةً نظاماً يعيد تدوير حوالي 90% من البول ليصبح ماءاً صالحاً للشرب لرواد الفضاء، وتُعاد أحياناً عينات البراز إلى الأرض للدراسة علمياً. وفي أغلب الحالات تُحمل النفايات في حاويات وتُطلق في سفينة شحن تحملها إلى الأرض لتُحترق ضمن الغلاف الجوي. وفي هذا المشهد يصف رواد الفضاء أن الطفو في الفضاء ممتع، لكن الذهاب إلى الحمام يبقى تحدياً حقيقياً يتطلب مهارة وتدريب مكثف.

أوضحت الروادة المتقاعدة بيجي ويتسون أن الطفو في الفضاء رائع، لكن الذهاب إلى الحمام ليس سهلاً، وأن النظام قد يحتاج إلى ارتداء قفاز مطاطي وتكديس النفايات عند امتلاء المكان. كما أشارت إلى أن الحياة في المحطة تظل محكومة بإجراءات دقيقة للنظافة والسلامة أثناء العمل والبحث. وتؤكد هذه التجارب أن توفير بيئة آمنة وفعالة في الفضاء يتطلب عملاً هندسياً مستمراً وتطويراً مستمراً للمرحاض وأنظمته.

مقالات ذات صلة