أعلن فريق دولي من الباحثين بجامعة لايبزيج الألمانية أن طفرات نادرة في جين GRIN2A قد تؤدي بمفردها إلى ظهور أمراض نفسية. وذلك يمثل تحديًا للاعتقاد بأن الاضطرابات العقلية تنشأ فقط من تفاعل عشرات العوامل الوراثية الصغيرة. وكشفت الدراسة، التي نُشرت في مجلة الطب النفسي الجزيئي، أن فحص بيانات 121 شخصًا يحملون طفرات في هذا الجين أظهر أن بعض المتغيرات ترتبط بالفصام واضطرابات نفسية أخرى. ومن الملاحظ أن الأعراض قد تظهر مبكرًا خلال الطفولة أو المراهقة في بعض الحالات.
أبرز النتائج والآليات
يلعب GRIN2A دورًا مهمًا في تنظيم الاستثارة الكهربائية للخلايا العصبية عبر مستقبل NMDA، وهو أحد الجزيئات المسؤولة عن نقل الإشارات في الدماغ. تشير التحليلات إلى أن بعض المتغيرات تؤدي إلى انخفاض نشاط مستقبل NMDA، مما يشرح كيف يمكن أن تسهم الطفرات في الاضطرابات النفسية. وبالتعاون مع باحثين من جامعة هايدلبرج، وجد الفريق أن تعزيز نشاط هذا المستقبل باستخدام مكمل غذائي يسمى L-serine قد أدى إلى تحسن واضح في الأعراض لدى مرضى طفرات GRIN2A. كما أن الفريق أنشأ خلال نحو 15 عامًا أكبر سجل دولي لمرضى GRIN2A في العالم، وهو ما سمح بإجراء هذه الدراسة التاريخية.
آفاق التطبيق العلاجي والتأثير على الفهم
تبرز هذه النتائج أهمية معرفة جين واحد قد يسبب مرضًا نفسيًا بشكل مباشر، وهو ما قد يساعد في تشخيص مبكر لدى الأطفال والمراهقين. كما تفتح إمكانات تطوير علاجات تستهدف الخلل الجزيئي بدقة بدلاً من العلاجات الموحدة التقليدية. وتشير الدلالات إلى أن تعزيز نشاط مستقبل NMDA قد يصبح نهجًا علاجياً مخصصًا في حالات محدودة من الطفرات، وهو ما يمثل خطوة نحو علاجات دقيقة حسب جينات المريض. بناءً على ذلك، تمثل الدراسة خطوة تاريخية في فهم الآليات العصبية للاضطرابات النفسية وتوجيه الوقاية والتشخيص والعلاج بشكل أكثر تخصيصًا.








