توضح الدراسات الحديثة التي أشارت إليها Healthline أن الإنسان يمر بتغيرات واضحة في أنماط النوم مع تبدّل فصول السنة. وتزداد مدة النوم وعمقه في الشتاء مقارنة بالصيف، حتى لدى من يعيشون في المدن المضيئة طوال النهار. ويرجع ذلك إلى دور الضوء الطبيعي في ضبط الساعة البيولوجية وإفراز الهرمونات المرتبطة بالنوم واليقظة. كما تترتب على هذه التغيرات زيادة في الشعور بالنعاس وتفاوت في اليقظة خلال اليوم.
ضوء الشمس والساعة البيولوجية
يشير البحث إلى أن الضوء الطبيعي هو العامل الأساسي في تنظيم دورات النوم واليقظة، فكلما قل التعرض للشمس ارتفع إفراز هرمون الميلاتونين الذي يرسل إشارات للنوم. مع قصر النهار في الشتاء، يستمر هذا الهرمون في الارتفاع لفترات أطول في اليوم، ما يجعل الإنسان أكثر ميلًا للنوم وأقل نشاطًا خلال ساعات النهار. كما أشارت الدراسات إلى أن مرحلة نوم حركة العين السريعة REM تمتد في الشتاء، وهي مرحلة مهمة لصحة الدماغ والتوازن النفسي. وبناء عليه يتغير الإيقاع الليلي لتعزيز الراحة وجودة النوم حين ينخفض الضوء.
مزاج الشتاء وتأثير الضوء
يؤدي انخفاض درجات الحرارة وتغير المناخ المحيط إلى زيادة استهلاك الجسم للطاقة للحفاظ على حرارة داخله، وهو ما يعزز الحاجة للراحة. كما يقل إنتاج السيروتونين بسبب قلة أشعة الشمس، وهو ناقل عصبي يحسن المزاج. وتظهر أحيانًا علامات الاضطراب العاطفي الموسمي، حيث يميل بعض الأشخاص إلى الخمول والعزلة في الشتاء بسبب هذه العوامل. وتؤكد هذه النتائج أن المزاج يتأثر بشكل واضح بتوافر الضوء والحرارة.
الضوء الاصطناعي لا يعوض الشمس
على الرغم من الانتشار الواسع للإضاءة الصناعية في المدن، لا يستطيع الضوء الاصطناعي محاكاة التأثير الكامل لضوء النهار على الدماغ. فالضوء الأزرق المنبعث من الأجهزة الإلكترونية قد يربك الإيقاع الحيوي إذا وُجهت إشاراته في المساء. لذلك يُنصح بتقليل استخدام الشاشات قبل النوم وتوجيه التعرض للشمس مباشرة في الصباح الباكر كلما أمكن. كما تُوصى باستخدام مصابيح علاجية خاصة تبعث ضوءًا يحاكي النهار للأشخاص المصابين باضطرابات النوم الموسمي، بشرط أن تكون معتمدة طبيًا وتُستخدم بإشراف مختص.
نصائح للنوم الصحي في الشتاء
توصي اختصاصية النوم الأمريكية نيكول إيكلبرغر باتباع خطوات محددة للحفاظ على جودة النوم في الأجواء الباردة، ومنها تثبيت مواعيد النوم والاستيقاظ يوميًا حتى في عطلات نهاية الأسبوع لضمان استقرار الساعة البيولوجية. كما تشدد على تهيئة بيئة النوم بأن تكون الغرفة مظلمة وهادئة ومعتدلة البرودة، مع تجنّب الإفراط في التدفئة وتجنب الأجهزة الإلكترونية قبل النوم لتقليل تأثير الضوء الأزرق. وينصح بتجنب الكافيين والمشروبات المنبهة في المساء لأنها تؤخر الدخول في مراحل النوم العميق. وأخيرًا تشجع على ممارسة أنشطة مريحة مثل التأمل والتنفس العميق لتخفيف التوتر وتحسين جودة النوم.








