يؤكد خبراء علم النفس أن الانتقال من عام إلى آخر يشكل محطة نفسية مهمة، إذ تمنح البداية شعوراً بالتجدد والطاقة والدافعية، وتفتح أمام الفرد فرصة لإعادة تقييم مسار حياته وتحديد أهداف جديدة والعمل على تحقيقها. وتوضح النتائج أن إغلاق العام المنتهي يساعد في ترتيب الخبرات وتحديد ما يجب حمله إلى المستقبل وما يجب تركه من عادات أو علاقات وأنماط سلوك. وتبين الأبحاث أن هذه البدايات تعزز السعادة وتزيد من الاستعداد للتقدم، كما أن وجود رؤية واضحة يسهم في تعزيز الالتزام بالعادات الصحية.
دور البدايات في الصحة النفسية
تشير إيمان عبد الله، استشارية الصحة النفسية ومهارات التواصل، إلى أن قرب نهاية السنة يدفع كثيرين إلى تحديد أهداف تعزز النضج والثقة والنجاح. وتوضح أن هذه الأهداف تكون واقعية ومصحوبة بخطط عملية يمكن تطبيقها تدريجيًا. وتؤكد أن البداية الفاعلة تبدأ من الكتابة التعبيرية التي تساعد على تقليل التشويش الذهني ورفع مستوى الوعي بالذات. وتضيف أن الكتابة حول المواقف المؤلمة أو الضاغطة تتيح الاستفادة منها وتدعم الخبرة والسلوك الإيجابي.
الكتابة كأداة أساسية
تُعد الكتابة التعبيرية أداة رئيسية في هذه الفترة، فهي تقلل التوتر وتزيد الوعي الذاتي. كما تتيح كتابة المواقف المؤلمة بهدف الاستفادة منها لا اللوم، وبذلك تتسع الخبرة وتتحسن النُظم السلوكية. وتُبرز كتابة الإنجازات كطريقة لتدعيم الإحساس بالقوة والسيطرة على المسار. وتؤكد الدراسات أن وجود عادة مكتوبة يومية يساهم في استقرار التفكير وترسيخ المواقف الإيجابية.
تقييم التجارب من جلد الذات إلى التعلم
ينبغي إعادة النظر في التجارب السابقة من زاوية التعلم لا من زاوية جلد الذات، فالسؤال ماذا تعلمت من هذا العام يمثل خطوة مهمة نحو التطور. وتوضح الرؤية الإيجابية للعام الجديد كيف يمكن تحويل العثرات إلى فرص نمو وبناء عادات صحية مستدامة. وتؤكد أن تغيير الرواية الذهنية يساهم في رفع الاستعداد للتغيير والالتزام بخطط تدريجية. كما تشير إلى أن تقسيم الوقت إلى فترتين أو ثلاث يساعد على متابعة التقدم والإنجاز.
الهوية والأهداف الصغيرة
تؤمن الإرشادات بأن الأفكار تتحول إلى سلوكيات، وأن بناء هوية جديدة مثل “أنا قوي” أو “أنا واثقة من نفسي” يؤثر في مسار العام بشكل عميق. وتوصي بتحديد أهداف صغيرة وتدريجية بدلاً من الاعتماد على خطط سنوية طويلة قد تفشل بسبب بطء الإحساس بالإنجاز. وتفضل تقسيم السنة إلى فترتين أو ثلاث لضمان متابعة أفضل وتحقيق إنجازات ملموسة. وتربط بين الهوية القوية والالتزام بالعادات الصحية كخطوات فعلية نحو التطور.
الكتابة اليومية وممارسات تعزيز الثقة
تُعد الكتابة اليومية لمدة ثلاث إلى خمس دقائق ممارسة بسيطة لكنها فعالة في وضوح الذهن وبناء النظام الداخلي. وتؤكد أن النشاط البدني يعزز الصحة النفسية وتخفيف القلق، كما تدعم التقنيات النفسية في تقليل التوتر وزيادة الثقة بالنفس عبر تنفيذ سلوكيات بسيطة يشعر الشخص بأنها فاعلة. وتساعد هذه الممارسة في ترسيخ العادات الإيجابية وتحويل التوقعات إلى خطوات قابلة للتنفيذ. وبذلك تصبح الكتابة اليومية أداة ثابتة لتنظيم التفكير وتحفيز الشعور بالقدرة.
تنظيم البيئة وترتيب العقل
تؤكد أن ترتيب البيئة المحيطة يسهم في تنظيم الدماغ وإعادة الانسجام الداخلي. وتربط بين الروتين اليومي المستقر وتحسين التركيز والإنتاجية، لذا يصبح ترتيب الأفكار والمهام أمراً ضرورياً. وتؤكد أن وجود بيئة داعمة يساعد في تقليل التشتت ويرفع فرص الالتزام بالأهداف.
تقليل المقارنات والضجيج الرقمي
تنصح بتقليل المقارنات الاجتماعية وتخفيف التعرض لزخم المنصات الرقمية، لما يتركه من أثر في زيادة التوتر وتشتت الانتباه وتراجع التركيز على الأهداف الجديدة. وتؤكد أن الحفاظ على بيئة رقمية هادئة يعزز الوضوح الذهني ويتيح توجيه الجهود نحو ما يهم الفرد. وتؤكد أيضًا أن الاستماع إلى النفس وتحديد الأولويات يمنحان فرصة لصناعة التغيير بثقة.
مع تطبيق هذه الممارسات تكون لديك قاعدة قوية لاستقبال العام الجديد بثقة وتطور مستدام في مختلف المجالات. يتطلب ذلك الالتزام بخطة عملية وتقييم دوري للمسار. وبالتكامل بين الكتابة اليومية وتنظيم البيئة وتبني هوية إيجابية تتعزز السعادة والنجاح على المدى الطويل.








