تعزز دولة الإمارات اهتماماً متزايداً بمنظومة التطوع كركيزة لتعزيز التماسك المجتمعي ودعم مسارات التنمية المستدامة، حيث رسخت منذ تأسيسها ثقافة العطاء والعمل الإنساني وبنت خلال العقد الأخير بنية مؤسسية مرنة تحفز مشاركة الأفراد والجهات في الأعمال التطوعية، ما يجعل الإمارات من أكثر الدول نشاطاً في هذا المجال، ويعكس العطاء والخير كقيمة وطنية راسخة في الهوية الوطنية.
وبمناسبة اليوم الدولي للمتطوعين العام تحت شعار «كل إسهام يصنع فارقاً» الذي يوافق 5 ديسمبر من كل عام، أوضحت وزارة تمكين المجتمع أن إجمالي ساعات التطوع في الإمارات من 2017 إلى 2024 تجاوز 14 مليون ساعة، في حين يشكل الشباب 60% من إجمالي المتطوعين.
منظومة التطوع والمشاركة المجتمعية ومبادراتها
ولتقوية هذا القطاع، تولي وزارة تمكين المجتمع الدور المركزي في تنظيم وتطوير التطوع عبر بناء منظومة تشريعية وتقنية تسهّل المشاركة وتضمن جودة المبادرات، وانعكاساً للرؤية الوطنية وتزامناً مع عام المجتمع أطلقت المنظومة التي تضم أربع مبادرات استراتيجية تستهدف ترسيخ التطوع والعطاء المجتمعي.
وتتضمن الاستراتيجية الوطنية الشاملة للتطوع إطاراً موحداً لترسيخ ثقافة التطوع قيمة مجتمعية، إضافة إلى منصة «متطوعي الإمارات 2.0» التي توفر تجربة تفاعلية ومسارات متخصصة لتسهيل الوصول إلى الفرص التطوعية، وكذلك مبادرة «7 فرص تطوعية في 7 إمارات» التي تشكل فعالية وطنية تشجّع التطوع التخصصي عبر الإمارات السبع، إضافة إلى مبادرة «في وقتك بركة» التي تستهدف ترسيخ ثقافة التطوع في العمل الحكومي الاتحادي وتحفيز مساهمات الموظفين التطوعية.
وتعمل الوزارة بالشراكة مع مؤسسة الإمارات وغيرها من الجهات لضمان تنفيذ المبادرات وتحقيق آثارها، وتهدف إلى رفع تصنيف الإمارات ليكون ضمن أفضل ثلاث دول عالمياً في مؤشر العطاء العالمي، وتوسيع قاعدة المتطوعين لتصل إلى 600 ألف متطوع نشط يسهمون بـ15 مليون ساعة تطوع، إضافة إلى إدماج التطوع في 80% من خطط المؤسسات الحكومية وتمكين ما لا يقل عن 500 جهة حكومية وخاصة ومؤسسات نفع عام من إدارة فرصها عبر منصة «متطوعي الإمارات 2.0».
كما تسعى الإمارات إلى منظومة تطوعية أكثر احترافية قائمة على البيانات والتقنيات الحديثة، لرفع معدلات المشاركة وتوجيه الجهود نحو أولويات وطنية مثل الاستدامة، وتمكين الفئات المجتمعية، وتعزيز جاهزية المجتمع في مواجهة الأزمات، وتوفير بيئة محفزة تطلق طاقات الأفراد لخدمة مجتمعهم ووطنهم.
تجارب وطنية وشراكات ومبادرات محلية
وقال معالي سعيد محمد الطاير، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي، إن الاهتمام الكبير من القيادة الرشيدة يرسخ صدارة الإمارات في مجال العمل التطوعي والإنساني، ونسعى إلى تعزيز ثقافة التطوع بوصفها نهجاً إماراتياً أصيلاً وقيمة إنسانية تدعم التنمية المستدامة والشاملة، ونلتزم في عام المجتمع بتوسيع فرص التطوع وتوطيد أواصر العطاء والتضامن والتآزر، ودعم الجهود الرامية إلى بناء مجتمع أكثر تماسكاً واستدامة، وكمؤسسة مسؤولة مجتمعياً نعمل على تمكين التطوع من خلال إطلاق المبادرات والبرامج التي تشجع المساهمات المؤسسية والفردية وتُحدث تأثيراً إيجابياً في المجتمع وتحسّن جودة الحياة في المجتمعات الأقل حظاً، كما نحفز الموظفين والزملاء على الانخراط في هذا المجال ونيسّر لهم السبل لتحقيق ذلك.
وأوضح أن بين عامي 2013 و2024 أطلقت الهيئة 465 مبادرة مجتمعية، سجل من خلالها موظفوها 249,843 ساعة تطوعية في مبادرات إنسانية ومجتمعية استفدت منها دول عدة حول العالم، وفي 2024 بلغت نسبة سعادة المجتمع عن الهيئة 94.51%.
وقالت هالة بدري، مدير عام هيئة الثقافة والفنون في دبي، إن اليوم العالمي للمتطوعين يمثل فرصة فريدة للاحتفاء بروح العطاء والتلاحم والتعاون المجتمعي، وإبراز أهمية التطوع ودوره في تحفيز الشباب على المشاركة في مسيرة البناء وتحقيق التنمية المستدامة. وأكدت أن التطوع قيمة إنسانية متجذرة في مجتمعنا، وجزء من ثقافتنا التي تقوم على الاحترام والتسامح والكرم، ويتسم بقدرته على الجمع بين التكافل والابتكار والشعور بالمسؤولية. وأشارت إلى أن دبي والإمارات أوليا اهتماماً خاصاً بالعمل التطوعي الذي أصبح، بفضل نهج القيادة الرشيدة، مكوناً جوهرياً في نسيجنا الثقافي وأسلوب حياتنا وركيزة أساسية في منظومة العمل والتطوير وخدمة المجتمع. كما حرصت «دبي للثقافة» على تمكين الشباب من التطوع في فعاليات ومهرجانات وأنشطة عدة تشرف عليها، وتشجيعهم على توظيف مهاراتهم في دعم المبادرات الثقافية والفنية والمجتمعية ليكونوا سفراء الهوية الوطنية الإماراتية، بما يعكسون بحيويتهم قيم الالتزام بالمسؤولية التي يتميز بها المجتمع المحلي، ويسهمون في دعم الفعاليات وتعزيز جودة التجربة الثقافية عبر تعريف التراث وتفاصيل المشهد الإبداعي المحلي، وهو ما يتسق مع التزامات الهيئة بمسؤوليتها المجتمعية وإيمانها بأهمية العمل التطوعي في تنمية قدرات الأفراد وتفعيل مشاركتهم في صنع مستقبل أكثر إشراقاً.
وأشار مكتب «فخر الوطن» إلى تقديره العميق للدور المحوري الذي يقدمه المتطوعون في تعزيز تماسك المجتمع ودعم منظومة التنمية الشاملة في دولة الإمارات. وأكد أن العمل التطوعي ليس مجرد مساهمة مجتمعية، بل هو ثقافة متجذرة وقيمة وطنية تعكس روح العطاء والإنسانية التي أرساها والد مؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. كما أشار إلى أن المتطوعين في مختلف القطاعات، خصوصاً في الصحة والتعليم والخدمات الإنسانية والبرامج الاجتماعية، قدموا نماذج مشرفة للعطاء والمسؤولية وأسهموا بشكل مباشر في دعم الجهود الوطنية الرامية إلى تعزيز جودة الحياة وتمكين أفراد المجتمع. وختم بأن تقدير دور المتطوعين وتكريم إنجازاتهم جزء أصيل من رسالة المكتب الذي يعتز بكل من يجعل خدمة الآخرين نهجاً في حياته اليومية ويواصل تقديم المبادرات التي تسهم في رفع الوعي بثقافة التطوع وتعزيز فرص المشاركة المجتمعية.








