توضح مقاومة مضادات الميكروبات أنها أزمة صحية عالمية تتفاقم مع مرور الوقت بسبب تغيّر جيني في الجراثيم يجعلها تبقى وتقاوم الأدوية المصممة للقضاء عليها. وتؤدي هذه التغيرات إلى صعوبة علاج الأمراض الشائعة مع ازدياد احتمال انتشار الجراثيم المقاومة بين الأفراد. كما قد تصل المقاومة إلى مستوى يجعل بعض المسببات المقاومة لجميع المضادات الحيوية المتاحة، وهو ما يحرم المرضى من خيارات العلاج. وتنتقل حالة المقاومة بين المرضى عندما لا يتم الاستخدام الدقيق للمضادات الحيوية، ما يعزز التطور والتحور لدى الجراثيم.
ماذا تقول الدراسات
كشفت دراسة نشرت في مجلة لانسيت أن الوفيات المرتبطة بمقاومة مضادات الميكروبات ارتفعت بين فئات عمرية مختلفة، حيث زادت الوفيات بين البالغين وبالأخص من هم في عمر 70 عامًا فأكثر بمقدار يفوق 80%. وتشير التقديرات إلى أن عدد الوفيات قد يصل إلى نحو 10 ملايين شخص حول العالم بحلول عام 2050 إذا استمر الاتجاه نفسه. كما تعكس النتائج أهمية تعزيز الوقاية من العدوى وإتاحة العلاج الملائم والتوجيه الصحيح ضمن الرعاية الصحية. وتبرز الحاجة إلى تعزيز الممارسات الوقائية والالتزام بالمبادئ العلاجية الصحيحة للحد من تفشي المقاومة.
مكافحة مقاومة المضادات الحيوية
تؤكد الأدلة أن المضادات الحيوية فعالة فقط ضد الالتهابات التي تسببها البكتيريا، وليست كل الحالات تستجيب لها. وفي الواقع، قد تشفى العديد من التهابات الجيوب الأنفية وبعض التهابات الأذن من دون مضاد حيوي وتقرر الرعاية الصحية الوصفة فقط عند الحاجة. كما أن واحدة من المفاهيم الخاطئة الشائعة هي أن المضادات الحيوية تعالج الفيروسات مثل الإنفلونزا والبرد، وهو أمر غير صحيح ويزيد من المخاطر إذا استخدم بشكل غير مناسب. لذلك يجب على الطبيب فقط وصف المضاد الحيوي وتحديد الجرعة والمدة بناءً على الحالة.
الاستخدام المسؤول للمضادات الحيوية
تُعد المضادات الحيوية من أكثر الأدوية شيوعاً، لكنها قد تضر عند إساءة استخدامها. وفي كثير من الحالات تباع المضادات الحيوية بدون وصفة، مما يساهم في الاستخدام غير الضروري وتزايد خطر المقاومة. يجب استخدام المضاد الحيوي فقط عند الحاجة وتحت وصف الطبيب وعدم المطالبة به إذا قرر الطبيب أنه غير ضروري. كما ينبغي مناقشة الآثار الجانبية والمدة والجرعة والتأكد من اختيار المضاد المناسب وفق الحالة الصحية.
التطعيمات ودورها في كبح المقاومة
تشير دراسة منشورة في ScienceDirect إلى أن التطعيمات تظل أداة فعالة في مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات من خلال تقليل عدد الإصابات والعدوى الثانوية الناتجة عنها. ومن خلال الوقاية من الأمراض التي يمكن منعها باللقاحات تقل الحاجة لاستخدام المضادات الحيوية وتقلل احتمالية ظهور سلالات مقاومة. كما أن التطعيم ضد العدوى الفيروسية مثل الإنفلونزا يمكن أن يلعب دوراً حاسمًا في الحد من سوء الاستخدام للمضادات الحيوية وبالتالي إبطاء تطور المقاومة.
