رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

تطور مراحل نمو الدماغ من الطفولة إلى الشيخوخة

شارك

أعلن فريق من علماء الأعصاب في جامعة كامبريدج أن الدماغ يمر بتكوين بنيوي يتغير على مدى الحياة، وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة نيتشر كوميونيكيشنز. شملت الدراسة 3802 شخصًا من الولادة وحتى 90 عامًا، وجرى التحليل باستخدام فحص التصوير بالرنين المغناطيسي المتخصص الذي يتتبع حركة جزيئات الماء عبر أنسجة الدماغ. وخلصت النتائج إلى أن الدماغ يعيد تنظيم اتصالاته العصبية باستمرار لدعم أساليب تفكير مختلفة عبر مراحل النمو والنضج والتدهور.

أوضحت الدراسة أن الدماغ يمر بخمس مراحل بنيوية رئيسية، مقسمة إلى أربع نقاط تحول عبر العمر، وأن هذه المراحل تتفاعل مع بعضها لتشكيل طريقة تفكيرنا مع الوقت. كما أشار الباحثون إلى أن الدماغ يعيد توجيه شبكاته وفق نمط يختلف من مرحلة إلى أخرى، ما يجعل التطور ليس مسارًا ثابتًا بل رحلة تنظيم مستمر. يبرز أيضًا أن فهم هذه الرحلة البنيوية يساعد في تفسير متى وكيف يصبح الدماغ أكثر عرضة لصعوبات في الانتباه واللغة والذاكرة وغيرها من السلوكيات المرتبطة بالصحة العقلية.

المراحل الخمس لتطور الدماغ

مرحلة الطفولة

تشير البيانات إلى أن الطفولة تمتد من الولادة حتى 9 سنوات وتشهد نموًا سريعًا في المادة الرمادية وتوسعًا في المادة البيضاء، ما يوّثق الشبكات العصبية وي Stabilizes سطح الدماغ تدريجيًا. كما يستقر سطح القشرة مع مرور الوقت، وتقل تعديلات الروابط العصبية ليبقى الأكثر نشاطًا فقط. وتتصل هذه التغيرات بتطور القدرات الإدراكية وتزايد خطر اضطرابات الصحة العقلية خلال هذه السنوات.

مرحلة المراهقة

تستمر خلال هذه المرحلة زيادة نمو المادة البيضاء وتصبح شبكات الدماغ أكثر دقة وكفاءة في وظائفها. وتزداد الاتصالات ضمن الشبكات العصبية، مما يدعم التطور المعرفي والتعلم، وتصل هذه التحولات إلى ذروتها في أوائل الثلاثينيات.

ووصفت الدكتورة أليكسا موسلي، الباحثة الرئيسية، أن نحو سن 32 عامًا تشهد أكبر التغيرات الاتجاهية في أسلاك الدماغ ومساره، ما يمثل أقوى نقطة تحول بنيوية في عمر الإنسان. كما أشارت إلى أن نهاية مرحلة المراهقة علميًا أقرب إلى أوائل الثلاثينيات بناءً على البنية العصبية الأساسية، وليس فقط على المعايير الاجتماعية أو العمرية.

مرحلة البلوغ

تُعد مرحلة البلوغ أطول فترات نمو الدماغ، حيث تستمر لأكثر من ثلاثين عامًا وتستقر البنية دون تحولات جذرية كما في فترات سابقة. هذا الاستقرار يتوافق مع ثبات في قدرات الذكاء والشخصية كما أشارت دراسات سابقة. في هذه المرحلة تصبح مناطق الدماغ أكثر تخصصًا في وظائفها وتظهر تغيّرات أقل في المسارات الأساسية.

مع استمرار الزمن، تظل الشبكات الدماغية تتغير بقدر محدود وتظل الاتصالات الوظيفية مُعاد ترتيبها بما يواكب متطلبات الحياة المتغيرة. وتبيّن النتائج أن فهم نمط الثبات والتغير خلال هذه الفترة يساعد في تفسير كيفية تكيّف الدماغ مع المهام المعرفية والاجتماعية المختلفة عبر العمر.

الشيخوخة المبكرة

عند نحو 66 عامًا، لا تحدث تحويلات بنيوية كبيرة، لكن نمط شبكات الدماغ يتغير بشكل جوهري. ترافق هذه التغيّرات انخفاض في الاتصالات وتدهور في المادة البيضاء، مع ارتفاع مخاطر أمراض صحية تؤثر في الدماغ مثل مشاكل الدوران الدموي. وتوضح النتائج وجود تفاوتات فردية في إعادة تنظيم الشبكات مع تقدم العمر.

تشير الإرشادات من الباحثين إلى أن هذه الفترة تمثل نقطة انتقال تشكل فيها الشبكات طريقة جديدة للعمل تتوافق مع صحة الدماغ وطفرة النشاط المعرفي المتغير مع المرض أو الوقاية منه. فهم هذه الديناميكيات يساعد في تفسير عوامل الخطر وتحديد التدخلات المناسبة للحماية المعرفية على مدى السنوات اللاحقة.

الشيخوخة المتأخرة

عند نحو 83 عامًا تقريبًا، يتشكل الهيكل الدماغي النهائي، مع وجود قيود في البيانات عن هذه الحقبة. ورغم ذلك يسجل الباحثون تغيرات ملحوظة في ترابط الدماغ وانخفاض الاعتماد العام على مناطق محددة في الشبكات، وهو ما يعكس مسار الشيخوخة. يترافق ذلك مع انخفاض عام في الترابط وتغير في توزيع الاتصالات الدماغية بين الأجزاء المختلفة من الدماغ.

مقالات ذات صلة