أصدرت حكومة الإمارات مرسوماً بقانون اتحادي يقضي بتعديل عدد من أحكام قانون الإجراءات المدنية، في خطوة متقدمة تهدف إلى تطوير البنية الإجرائية للقضاء المدني، وتعزيز كفاءة مراحل التقاضي، وتحسين جودة العمل القضائي بما يلبي احتياجات العدالة المعاصرة.
تعزيز التخصص القضائي ورفع كفاءة إدارة المنازعات
شمل التعديل تنظيم إنشاء دوائر التركات بشكل مباشر من خلال قرار يصدر عن رئيس مجلس القضاء الاتحادي أو رئيس الجهة القضائية المحلية، دون اشتراط اتفاق الخصوم، مما يسهم في تسريع الفصل في منازعات التركات وتبسيط إجراءاتها.
كما أجاز القانون إنشاء دوائر خاصة لنظر دعاوى مدنية أو تجارية محددة بناءً على طلب أو اتفاق الأطراف، مع خضوع هذه الدوائر للأحكام الإجرائية ذاتها، وهو ما يعزز التخصص القضائي ويرفع من كفاءة إدارة المنازعات.
كما عزز التعديل على القانون دور الخبرة الفنية في دعم الفصل القضائي، بتمكين الدوائر المختصة من الاستعانة بخبراء محليين أو دوليين لإعداد أو مراجعة تقارير الخبرة، مع منحها سلطة مناقشة هؤلاء الخبراء وتكليفهم باستكمال النقص أو تصحيح الأخطاء، بما يضمن صدور قرارات تستند إلى تقارير فنية دقيقة وموثوقة.
تعزز جدية الطعون واحترام المواعيد الإجرائية
وفي إطار الارتقاء بمستوى الضبط الإجرائي، شملت التعديلات على القانون إلزام مقدم الاستئناف بأن يضمن في صحيفة استئنافه بيان الحكم المستأنف وتاريخه وأسباب الطعن والطلبات، وتترتب على الإخلال بهذا الالتزام الحكم بعدم قبول الاستئناف، منهياً بذلك الممارسة السابقة التي كانت تسمح باستكمال أسباب الاستئناف في الجلسة الأولى، وهذا يعزز جدية الطعون واحترام المواعيد الإجرائية.
تعزز حماية النظام القانوني وخضوع القرارات المخالفة للقانون لرقابة قضائية
كما جاءت التعديلات على القانون لتحدث تحولاً مهماً في نظام الطعن بالنقض، إذ أصبح هذا الطعن متاحاً في القرارات الصادرة من محاكم الاستئناف إلى جانب الأحكام، بعدما كان مقصوراً على الأحكام وحدها، مما يوسع نطاق الرقابة القضائية ويمنح المتقاضين ضمانات أوسع في مواجهة القرارات المؤثرة.
هذا بالإضافة إلى منح النائب العام صلاحية الطعن بالنقض من تلقاء نفسه أو بناءً على طلب وزير العدل أو رئيس الجهة القضائية المحلية، حتى في الحالات التي لم يمارس فيها الخصوم حقهم في الطعن أو فوتوا مواعيده، وهو ما يعزز حماية النظام القانوني ويضمن عدم إفلات القرارات المخالفة للقانون من الرقابة القضائية.
وباعتماد هذه التعديلات تؤكد دولة الإمارات حرصها على تطوير منظومتها القضائية وفق أرقى المعايير التشريعية، وترسخ مفهوم العدالة الناجزة، وتعزز ثقة المتقاضين بالقضاء، في مسار ثابت نحو بناء بيئة قانونية راسخة تدعم التنمية وتحمي الحقوق وتواكب مسيرة التطور التشريعي في الدولة.








