تؤكد الدراسات العلمية أن الامتنان أداة علاجية فعّالة يمكنها أن تحدث فرقاً ملموساً في الصحة النفسية. وهو ليس مجرد قول “شكرًا”، بل توجّه داخلي يعيد تشكيل نظرتنا للحياة ويعيد توجيه الانتباه من ما نفتقده إلى ما نملكه. تركز الأبحاث على أن الممارسة المنتظمة للامتنان تساهم في توازن نفسي وتقلل مستويات التوتر والاكتئاب. كما يبيِّن تبادل الخبرات أنّ تدوين ثلاثة أمور نشعر بالامتنان تجاهها يوميًا يمكن أن يؤثر في نشاط الدماغ المرتبط بالمشاعر الإيجابية.
الامتنان يعيد برمجة الذهن
تشير الأبحاث إلى أن الامتنان ليس شعوراً عابرًا فحسب، بل يغيّر أنماط التفكير مع مرور الوقت. فالانتباه إلى الجوانب الإيجابية يجعل الاستجابات العصبية للمحفزات السلبية أقل حدة. ونتيجة ذلك، يتحول الامتنان إلى تدريب ذهني يزيد من قدرتنا على تجاوز الإحباط والضغوط. ويسهم ذلك في تحسين مهارات التعامل مع المواقف الصعبة.
التأثيرات الهرمونية والنوم
يساهم الامتنان في تنشيط إفراز الدوبامين والسيروتونين، وهو ما يرتبط بالشعور بالسعادة والرضا. وهذا التأثير الكيميائي يدعم خفض التوتر وتحسين جودة النوم. كما يسهم الامتنان في خفض مستويات الكورتيزول، وهو هرمون التوتر الذي يجهد الجهاز العصبي عند ارتفاعه.
وسيلة فعالة لتعزيز العلاقات
على المستوى الاجتماعي، يمثل الامتنان جسرًا يعيد الدفء للعلاقات الشخصية والمهنية. فالتعبير عن الشكر بشفافية لا يحسن حالتك النفسية فحسب، بل يعزز الثقة ويعمّق الإحساس بالتقدير المتبادل. وتظهر الملاحظات أن الأزواج الذين يمارسون الامتنان بانتظام يحظون بعلاقات أكثر استقراراً ورضا.
الامتنان كدرع نفسي في مواجهة الأزمات
في أوقات الخسارة أو الصدمة، يصبح من الصعب الحفاظ على شعور الامتنان، لكنه يظل ذا قيمة عالية. فهو لا ينكر الألم، بل يساعد على رؤية الضوء وسط الظلام. عندما يركّز الشخص على ما تبقى من مصادر دعم وفرص للتعلّم، تتحسن مرونته الانفعالية وتزداد قدرته على التكيّف.
كيف نمارس الامتنان عمليًا
ينصح المختصون بتخصيص لحظات يومية لممارسة الامتنان بطرق بسيطة وفعالة. مثل تدوين ثلاثة أمور نشعر بالامتنان تجاهها كل مساء، وتوجيه رسالة شكر لشخص كان له أثر إيجابي. كما يوصى بالتأمل الواعي والتركيز على النعم الصغيرة كالصحة والهدوء. ويمكن استخدام جرّة الامتنان كوسيلة تذكير يومية لتعزيز الاستمرارية.
الامتنان في بيئة العمل
أظهرت الدراسات أن الامتنان المهني يعزز الإبداع والإنتاجية. حين يشعر الموظف بأن جهوده مقدّرة، يزداد الالتزام والدافع. كما أن نشر ثقافة الامتنان داخل الفرق يقلّل من المنافسة السلبية ويعزز روح التعاون.
الامتنان والنوم العميق
هناك صلة بين الامتنان وجودة النوم، فالتفكير في النعم قبل الخلود إلى النوم يقلّل التشتت ويهدئ النشاط العصبي. وتظهر نتائج أبحاث القلق أن كتابة مفكرة امتنان لمدة أسبوعين حسّنت أنماط النوم لبعض المشاركين.
التوازن الذاتي
يمتد أثر الامتنان إلى تقدير الذات، فالشخص الممتن يرى نفسه جزءًا من شبكة دعم إنساني وليس كائنًا معزولاً. وهذا الإدراك يقلل من المقارنات الاجتماعية ويعزز السلام الداخلي، فيقل بذلك الإحساس بالنقص وتزداد الرضا والسكينة.








