توضح هذه المادة أن ارتفاع سكر الدم لا يقتصر على السكر الأبيض وحده بل يخضع لعوامل متعددة داخل الجسم وخارجه. تشير المصادر الصحية إلى أن سكر الدم يمكن أن يرتفع حتى لدى من لا يتناولون السكر بشكل مباشر بسبب وجود الكربوهيدرات المخفية واضطرابات الهرمونات. كما أن العادات اليومية مثل السهر وقلة الحركة تساهم في رفع مستويات السكر بطرق غير مباشرة.
الكربوهيدرات الخفية
ليست الحلويات وحدها من ترفع سكر الدم؛ فالكربوهيدرات تتحول إلى جلوكوز خلال عملية الهضم. الأرز الأبيض والخبز والبطاطس والمكرونة، وكذلك بعض أنواع الفاكهة مثل الموز والعنب، تعد مصادر ذات مؤشر جلايسيمي مرتفع. هذه الأطعمة ليست عادة مصنفة كمصدر للسكريات في الملصقات الغذائية، لذا يستهلكها الناس دون وعي بتأثيرها. حتى المنتجات المعلّمة بخلوّها من السكر قد تحتوي على كربوهيدرات مكررة أو محليات صناعية تؤدي إلى رفع مستوى السكر نفسه.
لذا ينصح الخبراء بقراءة الملصقات بعناية والانتباه إلى إجمالي الكربوهيدرات وليس فقط كمية السكر. يمكن أن ترفع المحليات الصناعية والكربوهيدرات المكررة منسوب السكر حتى لو كان المنتج خالياً من السكر. ويساهم ذلك في توضيح أن النظام الغذائي المتوازن يجب أن يراعي مصادر الكربوهيدرات المختلفة.
قد يبدو الصيام الطويل أو تفويت الوجبات وسيلة لضبط السكر، لكن الجسم لا يفهم النية الحسنة. حين يطول الانقطاع عن الطعام، يفرز الكبد مخزون الجلوكوز لتعويض الطاقة، مما يؤدي إلى ارتفاع السكر حتى دون وجود طعام. ويوجد ما يُعرف بظاهرة الفجر، وهي ارتفاع طبيعي لسكر الدم بين الساعة الرابعة والثامنة صباحاً نتيجة إفراز هرمونات مثل الكورتيزول والنورأدرينالين لإيقاظ الجسم. لذا يجب أن يُخطط النظام الغذائي وفقاً لآثار الصيام والافطار للوصول إلى استقرار السكر.
التوتر وقلة النوم
عند مواجهة ضغوط نفسية يستجيب الجسم بإفراز هرموني الكورتيزول والأدرينالين لتحفيز الطاقة السريعة، وهذا ما يرفع سكر الدم تلقائياً. قلة النوم تؤدي إلى اضطراب الهرمونات المنظمة للشهية والطاقة، ما يجعل الجسم أكثر مقاومة للأنسولين وأقل قدرة على التحكم في الجلوكوز. لذا ينصح الأطباء بالحفاظ على انتظام النوم وتقليل التوتر كجزء أساسي من أي خطة لضبط سكر الدم.
الأدوية واضطرابات الهرمونات
تشير الدراسات إلى أن بعض العقاقير مثل الكورتيزون وأدوية الحساسية ومضادات الاكتئاب وحبوب منع الحمل قد تؤدي إلى ارتفاع سكر الدم كأثر جانبي. كما أن الاضطرابات الهرمونية مثل متلازمة تكيس المبايض واضطرابات الغدة الدرقية تغيّر استجابة الجسم للأنسولين وتزيد من مقاومته. لذا يصبح من الضروري إجراء متابعة منتظمة مع الطبيب عند استخدام أدوية طويلة الأجل لتعديل الجرعات أو اختيار بدائل آمنة عند الحاجة.
قلة الحركة ومقاومة الأنسولين
عدم ممارسة النشاط البدني يجعل العضلات أقل قدرة على امتصاص الجلوكوز من الدم، مما يؤدي إلى رفع مقاومة الأنسلين. حتى الأشخاص الذين لا يعانون من السمنة قد يصابون بمقاومة الأنسولين إذا قلَّ نشاطهم البدني بشكل مستمر. يكفي المشي السريع نصف ساعة يومياً أو ممارسة تمارين بسيطة لتنشيط العضلات وتحسين استجابة الخلايا للأنسولين. ويمثل الدمج بين الحركة المستمرة وتناول وجبات متوازنة من أكثر الوسائل فعالية للحفاظ على استقرار السكر دون حرمان غذائي قاسٍ.
العلاقة بين الكبد والبنكرياس وصحة الجهاز الهضمي
الكبد والبنكرياس هما حجر الأساس في تنظيم السكر، وأي خلل في عملهما كالكبد الدهني أو التهاب البنكرياس يؤدي إلى اضطرابات في مستويات الجلوكوز. كما أن توازن البكتيريا النافعة في الأمعاء يساهم في كفاءة امتصاص المغذيات وفي حساسية الجسم للأنسولين. تحسين الهضم وتناول الألياف والبروبيوتيك يمكن أن يسهم في ضبط السكر بطرق غير مباشرة لكنها فعالة.








