تؤكد التطورات الأخيرة أن الذكاء الاصطناعي هو التقنية المهيمنة التي ستؤثر في كل ما هو رقمي الآن وفي المستقبل. أشارت التقارير إلى أن شركة Meta خفضت ميزانية قسم الميتافيرس بنحو 30% للسنة المالية 2026، وهو ما يعكس تحولا جذريا في استراتيجيات الشركات التكنولوجية. أشاد المراقبون باستعداد الشركة لإعادة توجيه الموارد من رهان طويل الأجل إلى مجالات الذكاء الاصطناعي الأكثر مباشرة. بحسب تقرير Forbes، ارتفع سهم Meta بنحو 3.5% عقب الإعلان، وهو تعبير عن تفاؤل المستثمرين بقدرة التحول على تعزيز الموقع في المنافسة.
قبل سنوات قليلة كان مارك زوكربيرج يعتقد تماما بإمكانات الميتافيرس لدرجة أنه أعاد تسمية الشركة بناء على هذا المفهوم. لكن خلال آخر مكالمة أرباح لم ترد كلمة ميتافيرس ولو مرة واحدة، وهو ما يمثل إعادة نظر استراتيجية واضحة. في ضوء ذلك، تكون الشركة قد حسمت اتجاهها نحو زيادة استثمارها في تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تظل أعلى تكلفة لكنها ضرورية من منظور الاستراتيجية. يعد هذا التحول دليلاً على أن الشركات تعيد توجيه مواردها وفق أطر تقييم أكثر صرامة للربحية والقدرات المستقبلية.
أزمة موارد الذكاء الاصطناعي
تواجه الشركات واقعاً عملياً يفرضه اقتصاد الذكاء الاصطناعي على ميزانياتها. يحتاج بناء قدرات AI إلى استثمارات كبيرة في الأجهزة المتخصصة والكفاءات البشرية، إضافة إلى استهلاك عالي للطاقة يتطلبه التشغيل الآمن والمستمر للنظم الحديثة. وهذا الضغط يدفع إلى تقييم كل مبادرة من منظور مساهمتها في تطوير الذكاء الاصطناعي أو عائدها المالي. فأي مشروع لا يساهم مباشرة في تطوير الذكاء الاصطناعي أو لا يفي بعوائد كافية يتعرض لخطر التخلي عنه مهما كان مكانته الاستراتيجية سابقاً.
ماذا بعد؟
ستتضح الصورة في الأشهر القادمة من خلال دورات التخطيط السنوية وقرارات إعادة الهيكلة التي تقودها التغييرات في القوى العاملة. لكن السؤال الأساسي لا يقتصر على ما سيتم التخلي عنه، بل كيف توازن الشركات بين الربحية الراهنة والقدرات التنافسية في مجال الذكاء الاصطناعي للمستقبل. هل ستقتصر التخفيضات على الأنشطة الخاسرة فقط أم ستشمل أيضاً أعمالاً تقليدية مربحة لا تلائم الرؤية المستقبلية؟
تُبرز هذه القرارات الفرق بين الشركات التي تتمكن من اجتياز التحول بنجاح وتلك التي تفقد سرعتها في السوق التكنولوجي. فالتوقيت الصحيح للتحولات الاستراتيجية أمر حاسم، وقد يعتبر تراجع الميتافيرس فشلاً إذا لم تُدار الموارد بشكل صحيح، لكن إعادة توجيهها قبل أن تتفاقم التكلفة قد يكون الخطوة المناسبة في الوقت المناسب. وتعتمد النتائج النهائية على مدى نجاح القيادات في تنفيذ خطة التحول.








