يبدأ السعال المستمر غالبًا كعارض بسيط عقب نزلة برد، ثم ما يلبث أن يظل ملازمًا لأسابيع طويلة حتى عندما تتعافى بقية الأعراض. ومع مرور الوقت، يتحول إلى مصدر إزعاج يثير القلق خصوصًا عندما يفشل العلاج المنزلي في تهدئته أو عندما يعود بشكل متكرر دون سبب واضح. توضح المصادر الطبية أن استمرار السعال بهذا الشكل قد يكون علامة على وجود سبب خفي يستلزم تقييمًا وعلاجًا دقيقين. لذلك يُنصح بفحص الطبيب إذا استمر السعال لفترة طويلة أو كان مصحوبًا بعلامات إضافية.
أسباب محتملة للسعال المستمر
قد يكون سيلان الأنف الخلفي من أسباب السعال المستمر، حيث ينتقل المخاط من الأنف إلى الحلق أثناء الالتهاب أو الحساسية محدثًا نوبات سعال ليلي متكررة. تستخدم العلاجات الموضعية مثل بخاخات الأنف المضادة للاحتقان أو مضادات الهيستامين في هذه الحالات، وفي بعض الأحيان تُوصف بخاخات كورتيزون لتقليل الالتهاب. كما أن وجود مخاط مستمر يزعج الحنجرة ويؤدي إلى دفْع النفس للسعال بشكل متكرر. يوضح الأطباء أن ضبط الحساسية وتحسين تصريف الأنف غالبًا ما يساعدان في تخفيف السعال.
يُعد الربو سببًا شائعًا للكحة المزمنة، إذ يتضيق مجرى الهواء مع زيادة إفراز المخاط، فيسعى الجسم إلى طرده عبر السعال المتواصل. غالبًا ما يزداد السعال في الجو البارد أو مع المجهود أو عند التعرض للغبار. يوصي الأطباء في هذه الحالات باستخدام بخاخات موسّعة للشعب الهوائية وبخاخات تحتوي على الكورتيزون للسيطرة على الالتهاب وتحسين التنفس. كما أن السيطرة على المحفزات وتقييم وظيفة الرئة جزء أساسي من العلاج.
حتى بعد الشفاء من عدوى ما مثل الإنفلونزا أو الالتهاب الرئوي، قد يستمر السعال لأسابيع بسبب تهيّج مستقبلات السعال في الرئتين. في بعض الحالات قد يكون السبب سعالًا شديدًا بسبب عدوى مثل السعال الديكي، وهو عدوى بكتيرية قد تصيب البالغين رغم التطعيم. ينصح الأطباء بإجراء فحص دم أو مسحة حلق عندما يستمر السعال لفترة طويلة، فقد يتطلب الأمر مضادًا حيويًا أو علاجًا مخصصًا للعدوى. يظل الهدف تقييم السبب الحقيقي وتحديد العلاج المناسب وفقًا للنتيجة.
ليس كل السعال ينشأ من الرئتين فحسب؛ فقد يحدث نتيجة الارتجاع المعدي المريئي عندما يصعد الحمض من المعدة إلى الحلق والشعب الهوائية مسببًا كحة جافة مستمرة. كثير من المرضى لا يشعرون بحرقة المعدة بشكل واضح ما يجعل الربط بين المشكلة والسعال صعبًا. يعالج GERD عادة بتعديل نمط الحياة مثل تقليل الوجبات الدسمة وتجنب الشوكولاتة والمشروبات الغازية ورفع الرأس أثناء النوم، وفي الحالات المزمنة توصف أدوية تقليل إنتاج الحمض. وتُعد استشارة الطبيب ضرورية لتحديد الخيار العلاجي الأنسب بناءً على شدة الأعراض.
تُعرف بعض أدوية ارتفاع ضغط الدم بأنها قد تكون سبّابة سعالًا جافًا مستمرًا، خصوصًا مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين. قد يظهر السعال بعد البدء بدواء جديد، ولذلك ينصح بالمتابعة مع الطبيب لتقييم الاستبدال بعقار آخر آمن. يوضح الأطباء أن التعديل الدوائي غالبًا ما يخفف السعال بشكل ملحوظ خلال أسابيع قليلة من البدء بالعلاج البديل. في هذه الحالة، لا يجوز تخطي الدواء دون توجيه الطبيب.
تُعد عادة التدخين من الأسباب الشائعة للسعال المستمر، فالكحة لدى المدخن تعكس محاولته طرد المخاط والسموم المتراكمة عبر جولات من السعال. يستمر الضرر الرئوي مع الاستمرار في التدخين حتى بعد الإقلاع وقد يتأخر التحسن. كما أن وجود كحة مستمرة قد تكون علامة مبكرة على مرض الانسداد الرئوي المزمن وتستلزم متابعة طويلة الأجل وعلاجًا مستمرًا. لذلك تُشدد النصائح على الإقلاع عن التدخين كخطوة رئيسية في تحسين الحالة الصحية.
عندما تكون الكحة جرس إنذار
في حالات نادرة قد يشير السعال المستمر إلى وجود سرطان الرئة خصوصًا عند المدخنين أو من لديهم تاريخ عائلي، لذلك يُوصى بإجراء فحوص إضافية عند استمرار الكحة مع ضيق النفس، بحة صوت، أو ظهور دم مع البلغم. تُجرى الفحوص عادة عبر فحص الدم والتصوير المقطعي لتقييم الخطر واستبعاد الحالات الأكثر خطورة. كما أن وجود أعراض أخرى يرفع درجة القلق ويجعل الطبيب يحث على تشخيص مبكر. يهدف التقييم الشامل إلى تحديد السبب الحقيقي وتوفير العلاج المناسب بسرعة.
كيف يشخّص الطبيب السبب
يبدأ الطبيب بجمع تاريخ المرض بدقة، من مدة السعال ووجود البلغم أو الدم والعوامل المحفزة ونوعية الأدوية المستخدمة مؤخرًا. ثم يجري فحصًا جسديًا شاملاً للرئتين والقلب ويطلب أحيانًا أشعة صدر أو اختبارات وظيفة التنفس لتقييم كفاءة الرئة. قد يطلب الطبيب اختبارات إضافية مثل قياس حموضة المريء أو اختبارات حساسية إذا بقي السبب غير واضح. تعتمد الخطة العلاجية على النتيجة وتكون مرافقة للمتابعة والدعم الطبي المستمر.
متى تزور الطبيب فورًا؟
ينصح بعدم تجاهل الكحة إذا استمرت أكثر من شهرين، أو صاحبها حمى أو ضيق في النفس أو ألم صدري أو فقدان وزن غير مبرر. كما يستدعي الأمر زيارة الطبيب عند وجود دم مع البلغم ليُحدد السبب ويبدأ العلاج المناسب في الوقت المناسب. وفي بعض الحالات تتطلب الكحة المستمرة فحصًا أوسع وتقييمًا لخطر أمراض أخرى بحسب الأعراض المصاحبة. يساعد الإجراء الطبي المبكر في تقليل المخاطر وضمان استجابة أفضل للعلاج.








