تعلن المصادر الصحية عن تسجيل الشتاء الحالي زيادة غير مسبوقة في حالات الإنفلونزا على مستوى العالم. وتشير تقارير من المستشفيات إلى أن عدد الإصابات ارتفع بشكل يتجاوز النسب السابقة، مع أن معظم الحالات مرتبطة بسلالة H3N2. وتعزو الجهات الصحية ذلك إلى ضعف المناعة المجتمعية بعد فترات انخفاض نشاط الفيروس خلال جائحة كوفيد-19، إضافة إلى أن الفيروس خضع لطفرات سمحت له بالانتشار والمراوغة المناعية. وتؤكد البيانات أن هذه السلالة ليست جديدة لكنها تطورت في الأشهر الأخيرة بشكل يرفع قابليتها للانتشار وعدد المصابين.
سلالة H3N2 وأثرها
تنتمي السلالة إلى عائلة الإنفلونزا A وتتميز بتركيبة سطحية من الهيماغلوتينين والنيورامينيداز تحدد صفاتها. ويشير الخبراء إلى أن هذه السلالة تتغير بسرعة مستمرة، ما يجعل مواجهة التحديات المرتبطة باللقاحات الموسمية قائمة كل عام. وتضيف التحليلات أن الطفرات الحديثة تقلل من فاعلية المناعة المكتسبة من اللقاح السابق مما يرفع عدد الإصابات مع بدء موسم الشتاء.
مدى خطورة السلالة الحالية
لا يُعد H3N2 أكثر فتكًا من سلالات الإنفلونزا الأخرى، لكن سرعته في الانتشار وعدد المصابين يفرضان ضغطًا على المستشفيات. حتى إذا بقيت نسبة المضاعفات منخفضة، فإن ازدياد الإصابات يؤدي تلقائيًا إلى ارتفاع الحالات الحرجة التي تستلزم الدخول إلى المستشفى. وتوضح البيانات أن ذروة الانتشار جاءت قبل الموعد المعتاد بنحو أسابيع، ما يعكس زيادة انتقال الفيروس في درجات الحرارة الأقل من المعتاد.
الأعراض والتمييز
تشبه أعراض H3N2 الإنفلونزا الموسمية التقليدية، وتتضمن ارتفاع الحرارة، سعالاً جافاً، التهاباً في الحلق وآلاماً في المفاصل والعضلات. ويضيف بعض المرضى غثياناً واضطرابات جهاز هضمي، وهي علامات قد لا تكون مرتبطة بالإنفلونزا التقليدية في كل الحالات. ويشرح الأطباء أن غالبية الحالات تتحسن خلال أسبوع، لكن استمرار الحمى أو صعوبات التنفس يستدعي تقييمًا طبيًا عاجلًا.
اللقاح والوقاية
لا يمنح اللقاح الموسمي حماية تامة، ولكنه يبقى الدرع الأهم لتخفيف شدة المرض وتقليل احتمالية الدخول إلى المستشفى. ويؤكد الخبراء أن الإنتاج يعتمد على توقعات موسمية مستمدة من أنماط الفيروس في نصف الكرة الجنوبي قبل الشتاء بفترات زمنية، وبالتالي تتفاوت فعاليته من عام إلى آخر. وفي موسم 2025 أظهرت الدراسات أن الفيروس اكتسب طفرات جديدة بعد تصنيع اللقاح، ما أضعف الحماية المتوقعة، لكن التطعيم يظل يخفّف من المضاعفات بشكل كبير.
من هم الأكثر عرضة
تشير البيانات إلى أن الأطفال بين 5 و14 عامًا هم الأكثر إصابة، ثم الشباب في العشرينات والثلاثينات بسبب زيادة الاختلاط في المدارس وأماكن العمل. أما المضاعفات فإنها ترتفع بين كبار السن وذوي الأمراض المزمنة والحوامل وذوي المناعة الضعيفة. وتوصي الجهات الصحية بتلقي اللقاح سنويًا، وبالتقيد بإجراءات الوقاية كالتهوية وارتداء الكمامة في الأماكن المغلقة خلال موسم العدوى.
إجراءات الوقاية الفعالة
لا توجد وسيلة تمنع العدوى تماماً، لكن تنظيف اليدين والتهوية والابتعاد عن لمس الوجه تعتبر إجراءات فعالة. ويشير الأطباء إلى البقاء في المنزل عند الشعور بالأعراض وتجنب التجمعات في فترات الذروة وتناول السوائل والراحة لتعزيز المناعة. ويُشدد على ارتداء الكمامات في الأماكن المغلقة خلال موسم العدوى وتجنب مشاركة الأدوات الشخصية.
المعالجة
لا تختلف طرق العلاج كثيراً عن الإنفلونزا التقليدية، فالأمثل الراحة والسوائل وخافضات الحرارة مثل الباراسيتامول. وتستخدم أدوية مضادة للفيروسات فقط للفئات المعرضة للخطر، ويفَضّل إعطاءها خلال أول 48 ساعة من ظهور الأعراض لضمان فعاليتها. يظل الهدف الأساسي دعم الوظائف الحيوية وتخفيف الأعراض حتى تتحسن الحالة.








