أكد يان لوكون، أحد أبرز رواد المجال والرئيس السابق للعلوم في Meta AI، أن النماذج اللغوية الكبيرة ما زالت بعيدة عن تحقيق الذكاء الاصطناعي العام. وأوضح أن التقدم فيها لا يوازي التوقعات الكبيرة، بالرغم من الاحتدام التنافسي بين شركات كبرى مثل جوجل وميتا وOpenAI. وناقش في حلقة من برنامج Scientific Controversies إمكانات توسيع نطاق هذه النماذج للوصول إلى ذكاء عام أم أن الحدود قد حُدِدت بالفعل. وأكد أن فهم الواقع كما يفهمه البشر لا يزال خارج مدى قدراتها الحالية.
أوضح أن هذه النماذج حققت نجاحات ملحوظة في مجالات محددة، لكنها لا تتطور بالوتيرة نفسها في القدرات العامة. وأشار إلى أن الرياضيات والبرمجة والشطرنج وتوليد الأكواد تشير إلى تحسن نتيجة التلاعب بالرموز داخل بنية النماذج. وهذه المجالات تعكس قدرة النموذج على استخراج معنى ضمن إطار رمزي محدد وتطبيقه في سياقات مغلقة.
الطابع الرمزي للمجالات
ويرى أن تفوق نماذج مثل ChatGPT في هذه المجالات يعود إلى طبيعتها الرمزية التي تعتمد على معالجة وتسلسل الرموز. ويشرح أن الرياضيات والبرمجة تستفيدان من التلاعب الرمزي، ما يمنحها شكلاً من المعنى داخل بنية محددة. كما أن الشطرنج يمثل مثالاً على البحث في سلسلة من الوضعيات للوصول إلى حلول محسوبة، وهو ما يجعلها أقرب إلى بيئةٍ مغلقة نسبياً.
ولكن هذه النجاحات تمثل جزءًا بسيطًا من التحديات التي يواجهها الناس في حياتهم اليومية. فعندما يتعلق الأمر بالتفاعل مع العالم الواقعي أو العمل ضمن بيئات مستمرة وذات أبعاد عالية، تفشل النماذج الحالية في مجاراة الفهم البشري. فمثلاً التخطيط للحركة أو الإمساك بجسم يتطلب فهمًا لما هو ممكن فيزيائيًا وقدرة على التخطيط واتخاذ القرار في الوقت الحقيقي.
وأشار إلى أن الإنسان يعتمد على فهم عميق للجسد والبيئة المحيطة، وهو أمر لا تمتلكه نماذج اللغة القائمة على الرموز. وبناء عليه، يوضح أن القصور الحالي يجعل من الصعب لهذه النماذج التعامل مع العالم الواقعي أو التخطيط لسلوكيات معقدة خارج إطار النصوص. ويرى أن التقدم الحقيقي نحو الذكاء العام لن يتحقق بالاعتماد على نماذج اللغة وحدها، بل يحتاج إلى مناهج جديدة تتجاوز التلاعب بالرموز وتتيح للآلات فهم العالم المادي والتفاعل معه بمرونة تشبه القدرات البشرية.
