توضح المراجعات الطبية أن ألم الحلق من جهة واحدة ليس مرضاً بذاته، بل عرضاً ناجماً عن مجموعة من الأسباب التي تتفاوت بين الالتهابات البسيطة والمشكلات المزمنة وصولاً إلى مشاكل أكثر تعقيداً. يظهر غالباً في جهة واحدة أثناء البلع أو الكلام مع وجود ألم واضح وتورم في الرقبة أحياناً. تحديد المصدر بدقة هو المفتاح للعلاج الفعّال.
أسباب رئيسية لألم جهة واحدة
من أبرز الأسباب التهاب اللوزتين والتهاب الأنسجة المحيطة بها، حيث تتوضع اللوزتان في خلف الفم وتتعرضان لهجمات فيروسية أو بكتيرية. قد ينتفخان ويتكوّن الخراج حول اللوزة إذا تفاقم الالتهاب، وهو يسبب ألمًا حادًا في جهة واحدة مع صعوبة في فتح الفم أو البلع. قد يحتاج الخراج إلى تدخّل جراحي بسيط لتصريف القيح.
في حالات مزمنة تتراكم بقايا الطعام وخلايا الدم الميتة داخل تجاويف اللوزتين، فتتشكل حصى اللوزتين، وتسبب ألمًا وعدم راحة مع رائحة فم كريهة. تظل الحالة غير خطيرة لكنها تستوجب التنظيف والمتابعة لمنع الالتهابات المتكررة. غالباً ما يشعر المريض بألم عند البلع مع الرائحة الكريهة.
الغدد اللمفاوية في الرقبة ترد على العدوى فتنتفخ جانبياً لتكوين ألم يحاكي ألم الحلق نفسه. قد يظهر التورم في جهة واحدة بسبب عدوى موضعية، مع ألم في الحلق وصعوبة في البلع أحياناً. وفي سياق نزلات البرد أو عدوى الأسنان يزداد التورم، وفي بعض الحالات النادرة قد تُشار إلى أمراض أشد خطورة كالأورام اللُّمفاوية.
أسباب أخرى محتملة
تشير متلازمة التنقيط الأنفي الخلفي إلى تدفق مستمر للإفرازات من الأنف إلى الحلق يهيّجه بشكل مزمن غالباً ما يظهر في جانب واحد. يسبب تهيجاً وحرقاً وألماً مستمراً عند البلع. كما قد يلاحظ المرضى سيلان مزمن أو سعال يزداد أثناء الليل.
الارتجاع المعدي المريئي قد يسبب ألم الحلق من جهة واحدة نتيجة وصول حمض المعدة إلى الحلق أثناء النوم خصوصاً عند الاستلقاء على جانب معين. تترافق هذه الحالة مع حموضة أو شعور بحرقة قد يستمر. يندمج العلاج الغذائي وتخفيف التوتر والتخفيف من الاستثارة مع أدوية تقليل الحموضة تحت إشراف طبي.
تلف الأحبال الصوتية الناتج عن الإجهاد الصوتي من الغناء أو الصراخ قد يسبب ألماً موضعياً وبحة مستمرة في جانب الحلق. يرتبط ذلك غالباً بإساءة الاستخدام الصوتي وفترات طويلة من الكلام أو الغناء. حين يحدث ذلك، يوصى بإراحة الحنجرة وتجنب الضغط والتدخين للمساعدة على التعافي.
كما قد تُسهم عدوى فيروسية عند الأطفال، كمرض اليد والقدم والفم، في ظهور تقرحات مؤلمة بالحلق تميل إلى تركزها في جهة واحدة أحياناً. يعتمد تشخيص هذه الحالات على الفحص السريري في العيادة ومراقبة الأعراض للتمييز بين الأسباب.
في حالات نادرة قد تكون الألم المستمر في جهة واحدة علامة على وجود ورم خبيث في البلعوم أو الحنجرة، وترافقه عادةً بحة مستمرة أو نزيف من الأنف أو فقدان وزن غير مبرر. لذا يجب تقييم أي عرض مستمر مع طبيب الأنف والأذن والحنجرة بسرعة. قد يوصي الطبيب بإجراء فحوص إضافية مثل التصوير أو التنظير حسب الحاجة.
متى تستدعي مراجعة الطبيب؟
إذا استمر الألم أكثر من أسبوعين، أو كان مصحوباً بصعوبة في البلع، أو ارتفاع في الحرارة، أو وجود كتلة في الرقبة، فاسعَ إلى استشارة الطبيب المختص في الأنف والأذن والحنجرة. يقوم الطبيب عادة بفحص البلعوم واللوزتين والغدد اللمفاوية، وقد يطلب فحوصاً إضافية مثل التنظير أو الأشعة إذا كان يشك في وجود التهاب عميق أو ورم. يعتمد العلاج على السبب الأساسي للحالة ويبدأ بتحديد المصادر المرضية وتوجيه المريض إلى العلاج المناسب.
طرق العلاج وإدارة الأعراض
تعتمد العلاجات على السبب الرئيسي للحالة: فالإصابة بالبكتيريا تستلزم مضادات حيوية يحددها الطبيب بعد الفحص القضائي. أما الالتهابات الفيروسية فتعالج بالراحة وشرب السوائل الدافئة وتخفيف الألم بمسكنات مناسبة. كما قد يساعد تقليل الحموضة عند الارتجاع المعدي في تخفيف الألم من جهة واحدة، ويتطلب ذلك تعديل النظام الغذائي وتناول أدوية تقليل الحموضة بمتابعة الطبيب. الحفاظ على نظافة الفم والامتناع عن التدخين والترطيب المستمر للحلق من شأنه تسريع الشفاء والوقاية من الانتكاسات.
