رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

هل السيكوباتي مولود أم مكتسب؟ أستاذ طب نفسي يشرح الأسباب

شارك

يؤكد الدكتور محمد المهدي أن تكوّن الشخصية السيكوباتية لا يعود إلى سبب واحد فقط، بل تتداخل عوامل متعددة. يشير إلى وجود عامل وراثي في بعض الحالات، مثل جينات معينة أو اضطرابات في التركيب البيولوجي والكروموزومات قد تهيئ الشخص لامتلاك سمات سيكوباتية. ومع ذلك، لا يكفي العامل الوراثي وحده، بل يعززه تفاعل مع عوامل بيئية ونفسية معقدة.

أثر العوامل الوراثية والبيئية مبكرًا

تبيّن أن البيئة التي ينشأ فيها الطفل تلعب دورًا حاسمًا، خصوصًا طبيعة العلاقة بين الوالدين وحجم الصدمات المبكرة. فالطفل الذي يعيش حياة مضطربة ويتنقل بين بيوت الأقارب قد يتشكّل لديه تصورًا قاسيًا عن العالم بأن الحياة صراع وأن الناس لا يؤمنون لهم. يعمل الشعور بالرفض والنبذ في جسده ونفسه، وتخزنه ذاكرته بشكل غير واعٍ، فيدفعه لاحقًا للانتقام من العالم عندما يكبر.

أخطر مرحلة في التكوين

أشار الدكتور إلى أن السنة الأولى من العمر هي أخطر مرحلة في التكوين. فقدان الطفل الحب والحنان والرعاية والدفء يولد لديه فقدانًا عميقًا للثقة في العالم، لأن الأم في وعيه المبكر تمثل العالم كله. هذا الشعور ليس واعيًا أو لغويًا بل يخزنه جسده والكيمياء الحيوية والنفسية، فينشأ وهو يحمله كإحساس رفض ونبذ يدفعه لاحقًا إلى الانتقام من العالم.

أول علامة قابلة للملاحظة

أوضح الدكتور أن أول وأخطر علامة يمكن التقاطها هي الكذب وتلوُّنه وخداعه ومراوغته. يظهر هذا النمط في سلوكه المتكرر وهو ما يستدعي الحذر وعدم التعامل بحسن نية مفرطة. فالتهاون معه قد يعرّض الإنسان لأذى نفسي أو مالي بالغ.

إرشادات التعامل مع السيكوباتي

قدم الدكتور مجموعة من الإرشادات للتعامل مع الشخص السيكوباتي، فأهمها الحفاظ على الثبات الانفعالي وعدم إظهار الخوف. يجب عدم كشف أسرار الشخص أمامه وتجنب الدخول في أمور مالية قدر الإمكان وتقليل الاحتكاك به إلى أدنى حد دون الدخول في صراعات. كما حذر من مجاراة الكذب والمراوغة، مع الوعي بأن السيكوباتيين موجودون في كل المجتمع وبنسبة تقارب 1%.

السيكوباتية والسمات الجزئية

يوضح أن مفهوم السيكوباتية غالباً ما يُساء فهمه، فالتشخيص الإكلينيكي الكامل لا يتجاوز نسبة 1% من الناس وهي نسبة قليلة ويصعب تحققها. بينما توجد سمات سيكوباتية جزئية منتشرة لدى عدد أكبر من الأشخاص مثل المراوغة والالتفاف والمناورة والسلوكيات الملتوية. هذه السمات لا تعني بالضرورة أن صاحبها سيكوباتي كامل كما يوصف في الكتب العلمية.

إجراءات التعامل والإصلاح

ويؤكد أن التعامل مع هؤلاء لا يكون بالعزل أو الإقصاء، وأن التفكير في قتله أو نفيه أو عزله عن المجتمع رأي قديم وغير مقبول علميًا وإنسانيًا. وتشير الدراسات والخبرات الحديثة إلى أن اضطرابات الشخصية، ومنها السيكوباتية، يمكن إدارتها وتحسينها بقدر جيد إذا توفرت المعاملة الإنسانية والدعم الصحيح. كما يشير إلى أن بعض الأدوية قد تخفّف الاندفاعية والعدوانية عند بعض الأشخاص، مع استعمال مضادات الذهان بجرعات بسيطة ومثبتات المزاج وتجاوب مع مضادات الاكتئاب في حالات التوتر. ويُشدد على أن العلاج من الإدمان إن وُجد يساهم بشكل أساسي في تقليل السمات السيكوباتية.

موقف إنساني صادق

ويختتم بأن التحولات الإيجابية قد تبدأ من موقف إنساني صادق يتفاعل فيه السيكوباتي مع أخصائي اجتماعي أو مسؤول أو شخص حكيم يفهم معاناته ويساعده على إيجاد باب رزق وحياة مستقرة. وبهذه الصورة قد يخلى عن العنف والبلطجة ويبدأ في مسار عمل شريف واستقرار اجتماعي. كما يشير إلى أن الدمج بين الحزم والرعاية ضروري، وأن المعاملة الإنسانية والدعم المتخصص يمكن أن يحسنا من فرص الإصلاح. وتذكر نصائح خلق بيئة داعمة تشجع على الإصلاح وتؤكد أن الاعتراف بالإنسانية في كل شخص هو مدخل حقيقي للتغيير، حتى لدى أكثر الشخصيات تعقيدًا.

مقالات ذات صلة