بقلم: محمد عبدالمجيد علي
وإذا تفاخرت الشعوب بما أنتجته لغاتها، وببلاغة منطق الألسنة، فإن اللغة العربية تقف شامخة بين لغات العالم، حاملةً إرثًا حضاريًا وثقافيًا لا يضاهى. فهي لغة الضاد، ولسان أمة، وجسر تواصل عبر القرون، ومصدر فخر لكل من ينتمي إليها.
اختصّ الله اللغة العربية بأن جعلها لغة كتابه الكريم، فقال سبحانه: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾، فكان ذلك أعظم تشريف لها، وأعلى منزلة يمكن أن تنالها لغة بين لغات العالم. وبنزول القرآن الكريم بها، ازدادت العربية شرفًا ورفعة، وبقيت محفوظة في الصدور والسطور، تتناقلها الأجيال دون أن تفقد جوهرها أو جمالها.
وتتميّز اللغة العربية بثرائها اللغوي واتساع مفرداتها ودقّة تعبيرها، إذ تحمل الكلمة الواحدة معاني متعددة، وتمنح المتحدث قدرة فريدة على التصوير والبيان. كما تُعد من أكثر اللغات قدرةً على الاشتقاق والتجدد، ما يجعلها صالحة لكل زمان ومكان، وقادرة على مواكبة التطور العلمي والتقني.
ولم تكن العربية يومًا لغة دين فحسب، بل كانت لغة علم وفكر وحضارة، فقد كتب بها العلماء أعظم المؤلفات في الطب والفلك والرياضيات والفلسفة، وأسهموا من خلالها في نهضة الإنسانية، وكان لها دور محوري في نقل العلوم والمعارف إلى العالم.
وفي هذا السياق، تولي دولة الإمارات العربية المتحدة اهتمامًا كبيرًا باللغة العربية، انطلاقًا من إيمانها الراسخ بأنها ركيزة أساسية للهوية الوطنية والثقافية. وقد أطلقت الدولة العديد من المبادرات والمشاريع التي تهدف إلى تعزيز حضور اللغة العربية، وترسيخ مكانتها في التعليم والإعلام والمؤسسات، إلى جانب دعم المحتوى العربي الرقمي، وتشجيع الإبداع باللغة العربية.
كما تحرص الإمارات على الاحتفاء باللغة العربية في مختلف المناسبات الثقافية، وفي مقدمتها اليوم العالمي للغة العربية، تأكيدًا لدورها في الحفاظ على اللغة، ودعم الأجيال الجديدة للتمسك بها، وتطوير أدواتها بما يواكب متطلبات العصر.
ورغم التحديات التي تواجه اللغة العربية في ظل العولمة والتقدم التكنولوجي، فإن الاهتمام الرسمي والمجتمعي المتزايد بها، كما هو الحال في دولة الإمارات، يعزز من قدرتها على الاستمرار والتجدد، ويؤكد أنها لغة حيّة قادرة على مواكبة المستقبل.
إن اللغة العربية ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي روح أمة، وذاكرة تاريخ، وعنوان حضارة. وستظل، بما تحمله من جمال وبلاغة وعمق، لغة خالدة، تشهد على مجدٍ صنعته أمة، ورسالةٍ سماوية خالدة نزلت بلسان عربي مبين.








