تتصاعد في السنوات الأخيرة ظاهرة الترويج لأقراص وحقن تُستخدم لتبييض البشرة عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث يسعى المروجون إليها لإقناع المستهلكين بأنها آمنة وفعالة ومقبولَة دولياً، بينما تحذر طبيبات الجلد وأخصائيات التجميل من الانسياق وراءها، مؤكدات أن هذه المنتجات غالباً غير مرخصة وغير مثبتة علمياً وتحمِل مخاطر صحية جسيمة.
أضرار ومخاطر استخدام أقراص وحقن التبييض
أكدت الدكتورة مروى بدوي أن لون البشرة مسألة جينية وصحية معقدة، لا يمكن تغييرها بأقراص أو حقن مهما كانت وعود التسويق، وأن أي محاولة لتبييض البشرة باستخدام هذه الوسائل غالباً ما تكون ضارة بالصحة.
وأوضحت أن أغلب منتجات التبييض تحتوي على مادة الجلوتاثيون، وهي مضاد أكسدة طبيعي في الجسم، يُزعم أنها تقلل إفراز صبغة الميلانين، ما يعطي البشرة لوناً أفتح نسبياً، ومع ذلك تشير الدراسات العلمية إلى أن تناول الجلوتاثيون عن طريق الفم لا يؤدي إلى تغيير ملموس في لون الجلد، إذ لا يصل الجسم إلى مستويات كافية حتى تؤثر في إنتاج الميلانين.
وقالت الدكتورة بدوي إن الاستخدام العشوائي لهذه الأقراص أو الحقن يمكن أن يؤدي إلى إجهاد الكبد والكلى، واضطرابات هضمية، تفاعلات جلدية، وحتى تداخلات محتملة مع أدوية أخرى، محذرة من أن هذه المخاطر تزداد عند الاستخدام الطويل الأمد أو بجرعات عالية دون إشراف طبي.
وأضافت أن بعض الأشخاص قد يواجه آثاراً جانبية خطِرة، مثل اضطرابات في الغدة الدرقية، ضعف المناعة، صعوبة في التنفس، وظهور طفح جلدي شديد. وأشارت إلى أن مضاعفات نادرة، لكنها مهددة للحياة، تشمل متلازمة ستيفنز جونسون، تعفن الدم، والصمة الهوائية.
من جانبها، لفتت الدكتورة تيسير الحاج، استشاري التجميل، إلى أن بعض الحقن تحتوي نسباً عالية من الكورتيزون، ما يؤدي إلى ترهل الجلد، انتشار الالتهابات البكتيرية، ومشكلات في المعدة، إضافة إلى انخفاض عام في صحة الجسم. وأكدت أن أي نتائج سريعة على البشرة غالباً ما تكون مؤقتة ولا تدوم، ما يجعل الاستخدام طويل الأمد محفوفاً بالمخاطر.
وأكدت الدكتورة مريم المسافري، استشارية طب الأسرة، أن هذه الأقراص والحقن غير فعالة عملياً عند الاستخدام الفموي، ولا توجد أي دراسة علمية تثبت فائدتها، وهي غير مرخصة، وقد تضر بالكلى والأعضاء الداخلية للجسم.
وقالت الدكتورة رنا أبوطراب، اختصاصية الأمراض الجلدية، أن أقراص التبييض -التي غالباً ما تُباع على أنها مكملات غذائية- تحتوي مواد غير معروفة المصدر أو التركيز، وقد تشكل عبئاً على الكبد، ولا تؤدي إلى تغيير اللون الطبيعي للبشرة.
حذرت الطبيبات المتحدثات من أن أغلب ما يُروج له عبر منصات التواصل الاجتماعي من أقراص وحقن التبييض يكون غير مرخص من وزارة الصحة ووقاية المجتمع، ومن الصعب معرفة محتواه الفعلي أو «تراكيزه»، ما يعرض المستخدم لمخاطر صحية غير متوقعة.
نصائح وتوجيهات صحية
وأكدت الدكتورة ندى تاج الأصفياء اختصاصية طب الأسرة أن الحقن والأقراص التي تحتوي على الجلوتاثيون لا تُمتص بشكل جيد عند تناولها عن طريق الفم، ما يجعل فعاليتها ضعيفة جداً، في حين أن كلفتها عالية جداً مقارنة بالفوائد.
وشددت الدكتورة رنا أبوطراب، اختصاصية الأمراض الجلدية، على ضرورة الاعتماد على العلاجات الموضعية المثبتة علمياً لتفتيح البشرة أو معالجة مشكلاتها، مثل الكريمات والمقشرات التي يحددها طبيب الجلدية وفق نوع البشرة والحالة الصحية للمستخدم، بدلاً من اللجوء إلى المكملات العشوائية أو الحقن غير المرخصة، كما حثت الجمهور على تجنب المنتجات المجهولة المصدر وعدم الانسياق وراء تجارب المؤثرين، وعدم تناول أي أقراص أو حقن دون وصفة طبية.
وفي ختام الحديث، حذرت الطبيبات من أن استخدام أقراص وحقن التبييض قد يسبب مضاعفات صحية كبيرة، تشمل مشاكل كبدية وكلوية وجلدية، وأحياناً مخاطر تهدد الحياة، وأن لا توجد أي دراسة علمية موثقة تثبت فعاليتها، وأن الاعتماد على الحلول السريعة والمروّجة عبر الإنترنت قد يكون مكلفاً وخطراً على الصحة.








