رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

مزارع المواطنين: مشاريع استثمارية رائدة ووجهات سياحية مستدامة

شارك

تسهم مزارع المواطنين المنتشرة على مساحات واسعة في دولة الإمارات في تعزيز السياحة الداخلية المستدامة واستقطاب عشاق الطبيعة من الزوار الذين يجدون فيها ملاذاً طبيعياً ساحراً، فضلاً عن نجاحها في زراعة أنواع كثيرة من الخضراوات والفواكه والمحاصيل التي كانت محصورة في البيئات المعتدلة.

أسهمت هذه المزارع بتنوع منتجاتها في تأسيس قطاع زراعي مستدام وتحسين مساهمة الإنتاج الزراعي في الناتج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد.

وصل إجمالي عدد المزارع في دولة الإمارات إلى أكثر من 38 ألف مزرعة، تتبع أساليب زراعة متنوعة تشمل الزراعة العضوية والزراعة المائية بدون تربة، مدعومة بمبادرات محلية لتعزيز عمل المزارعين وتطوير آليات الزراعة الحديثة.

تُعد الزراعة المائية “بدون تربة” إحدى أبرز هذه المشاريع، حيث تصل إنتاجيتها إلى ما يقارب أربعة أضعاف إنتاج الزراعة المحمية العادية مع استخدام مساحة أقل وعدد نباتات أكثر، وتُعد مجدية اقتصادياً على المدى المتوسط والبعيد من حيث قدرة استعادة تكاليف المشروع خلال 5 إلى 10 سنوات.

تستخدم المزارع العمودية تقنيات متطورة تمكنها من توفير منتجات زراعية طازجة على مدار العام، ويغطي إجمالي الإنتاج المحلي من الخضراوات حالياً نسبة تتجاوز 20% من احتياجات السوق.

أولت دولة الإمارات اهتماماً كبيراً بتوجيه السياحة الداخلية نحو مزارع المواطنين للاطلاع على التجارب الناجحة ورائدات الأعمال في هذا القطاع، ودور هذه المشاريع في تعزيز ثقافة التعامل المستدام مع البيئة.

تسلط حملة أجمل شتاء في العالم التي تأتي هذا العام تحت شعار “شتاؤنا ريادة” الضوء على بعض التجارب الزراعية الناجحة لأبناء الإمارات.

تعزز دولة الإمارات السياحة الزراعية أهميتها لأنها تبرز كنوز المزارع المحلية وتُظهر المساحة الزراعية المزدهرة والمتطورة.

تُلقي الضوء أيضاً على مشاريع زراعية رائدة أنشأها وتطورها أبناء الإمارات بدعم الجهات الحكومية، مثل مشروع “كنوز الطبيعة في الإمارات” الذي أطلقته وزارة التغير المناخي والبيئة في عام 2019.

يُبرز المشروع إبداعات أصحاب المزارع المحلية للاستفادة منها والاطلاع على الممارسات والخبرات المتبعة، والتعرّف على أنماط الزراعة التقليدية والحديثة والتقنيات المستخدمة، بالإضافة إلى الاستمتاع بالأنشطة الترفيهية المتوافرة في العديد من المزارع النباتية والحيوانية.

تتيح المزارع أيضاً للزائرين شراء منتجات نباتية وحيوانية من المصدر مباشرة بتكلفة معقولة وجودة عالية، ما يشجع المزارعين على تطوير وتوسعة نشاطهم عبر خلق دخل مالي إضافي، بالإضافة إلى تحفيز الجمهور على تبني سلوكيات الزراعة المجتمعية.

تُعد مزرعة الفراولة في مدينة الذيد بالشارقة من التجارب الزراعية الرائدة، حيث تشرف عليها حالياً عيسى خوري مدير عام شركة “ميراك” التي تأسست في عام 1985 وتُعد من أوائل الشركات الزراعية في الدولة.

استمرت الشركة في إنتاج ثمار الفراولة وتصدير آلاف الأطنان سنوياً إلى دول الخليج وشتى أنحاء العالم، وتوسعت في إنتاج محاصيل وخضراوات عالية القيمة كانت في السابق تستورد من الخارج.

تُعد مزرعة حتا النموذجية للفراولة للمواطن خلفان المطيوعي وجهة زراعية مستدامة تجتذب المستثمرين والسياح.

تتضمن المزرعة حقليْن أحدهما مكشوف يضم 6000 شتلة، والآخر زجاجي بإجمالي 1870 شتلة، مع تميزها بتوفير الجهد والوقت والماء والمحافظة على البيئة عبر تقنية مبتكرة للزراعة المستدامة.

يمكن لزوار المزرعة خلال تجوالهم الاستمتاع بجلسات هادئة وتذوق المشروبات الساخنة والباردة بنكهة الفراولة الطازجة، إضافة إلى منتجات تشمل التين والعصائر الطبيعية.

تشكل المزرعة النموذجية للفراولة فكرة استثمارية رائدة في ميدان السياحة الخضراء قرب سد حتا وتعد علامة فارقة في استثمار الموارد الطبيعية باحترافية وحديثة باستخدام أحدث التقنيات الزراعية.

تسهم أيضاً المزرعة في تقليل البصمة الكربونية وتقليل استهلاك المياه والطاقة وتوظيف التكنولوجيا وتبنّي التقنيات الزراعية المتقدمة وأساليب الزراعة في البيوت البلاستيكية والزراعة المائية لضمان استمرار المحصول طوال العام.

تبرز مزرعة الكاكاو التي أنشأها المواطن أحمد الحفيتي، أحد أبناء إمارة الفجيرة، كأحد أهم التجارب الزراعية في الدولة وتعكس قدرة المزارع المواطن على الابتكار والتجديد في مجال الزراعة وتدعم جهود الاكتفاء الذاتي من المحاصيل.

تقع المزرعة في مشتل وادي دفتا بالفجيرة حيث نجح الحفيتي في زراعة أكثر من 1000 شتلة كاكاو وبيعها بالكامل، كما استورد ثلاث أنواع من أجود أنواع ثمار الكاكاو من أوغندا وتخطط لزراعة ما يقارب 5000 شتلة الموسم القادم.

تأتي أهمية هذه المبادرة المستدامة بأنها لا تحتاج إلى محميات مكلفة ولا أنظمة تبريد مكلفة، بل استخدمت المنطقة المظللة بشبك الروكلين وتربة طينية مناسبة لزراعة الكاكاو، مع نمو الشتلة بسرعة وتكون جاهزة للبيع خلال شهرين إلى ثلاثة أشهر.

حظيت إنجازات أحمد الحفيتي في زراعة الكاكاو ونباتات استوائية أخرى بتقدير محلي، حيث فاز بجائزة أفضل مؤثر محلي في مجال الزراعة ضمن جائزة الشيخ منصور بن زايد للتميز الزراعي في مارس 2024.

مقالات ذات صلة