واقع الواجبات خلال الإجازة في مدارس المنهاج البريطاني
تحولت الإجازة المدرسية لدى عدد من الأسر إلى امتداد غير معلن للعام الدراسي، بعدما عبّر أولياء أمور عن استيائهم من كثافة واجبات الإجازة في مدارس تطبيق المنهاج البريطاني، معتبرين أن ما كان يفترض أن يكون فترة راحة يصبح موسماً من الضغط والمتابعة اليومية.
أوضحوا أن الحديث ليس عن واجبات الصفوف خلال أيام الدراسة، بل عن واجبات الإجازة تحديداً التي جاءت بكميات كبيرة وتطلبت التزاماً يومياً وجهداً مضاعفاً داخل المنازل، خاصة لدى الأسر التي تضم أكثر من طفل في مراحل دراسية مختلفة.
وأشاروا إلى أن الإجازة تحولت إلى جدول دراسي مصغر تقسم فيه ساعات اليوم بين القراءة، وحل مسائل الرياضيات، وإعداد مهام كتابية أو مشروعات قصيرة، ما يفقد الإجازة معناها الحقيقي ويقلص فرص الترفيه والرحلات والأنشطة العائلية.
يتحمل العبء الأسرة كاملة أيضاً، فالمتابعة المستمرة من الأهل وتوجيههم ضروريان في وقت يفترض أن يكون مخصصاً للراحة.
تبرر إدارات المدارس التي تطبق المنهاج البريطاني منح واجبات خلال الإجازات بأنها تستند إلى الاستمرارية وعدم الانقطاع عن التعلم، بهدف الحفاظ على المهارات الأساسية ولا سيما في المراحل الأولى.
وأوضحت أن الواجبات تهدف إلى منع الفاقد التعليمي وضمان عودة الطلبة إلى الدراسة بنفس المستوى الأكاديمي، مؤكدة أن طبيعة المنهاج البريطاني تختلف عن غيره من المناهج التي تعتمد التوقف الكامل خلال العطلات.
وبين شكاوى الأهالي وتبريرات المدارس، اتفق التربويون على أن الواجبات مطلوبة، لكن بحدود واضحة وبحجم بسيط وبفلسفة تراعي التوازن بين الحفاظ على المستوى الأكاديمي وحق الطالب والأسرة في الراحة.
أراء تربوية واقتراحات لتحقيق التوازن
تؤكد التربوية ياسمين مصطفى أن الواجبات الإجازة لها دور مهم في تثبيت المهارات الأساسية خاصة القراءة والكتابة والحساب، وأن الانقطاع الطويل قد يؤثر سلباً في مستوى بعض الطلبة، لكن المشكلة ليست وجود الواجب بل حجمه وكثافته.
وشددت على ضرورة أن تكون الواجبات خفيفة وقابلة للتنفيذ الذاتي، بحيث لا تكون عبئاً على الأسرة، واقتصار المهام على مهارة واحدة يومياً.
يؤكد التربوي محمد السيد أن الإجازة ليست فراغاً تعليمياً، لكنها ليست فصلاً دراسياً مصغراً أيضاً، ويرى أن الواجبات يجب أن تحافظ على صلة الطالب بالتعلم دون أن تسلبه حقه في الراحة.
وأشار إلى أهمية منح الطالب مساحة للاختيار من خلال واجبات مرنة مثل القراءة الحرة أو أنشطة حياتية بسيطة، معتبراً أن الضغط الزائد قد يؤدي إلى نفور الطالب من التعلم.
ترى التربوية زينة مراد أن كثيراً من المدارس لا تراعي واقع الأسر متعددة الأبناء عند تصميم الواجبات، وأن تراكم الواجبات داخل البيت الواحد يخلق ضغطاً نفسياً وتنظيمياً على الأسرة، وتدعو إلى اعتماد نموذج الواجب المرن الذي يتيح للأسرة اختيار عدد محدود من المهام خلال الإجازة بما يحقق الهدف التعليمي دون إثقال كاهل الأسرة.
وفي حديث التربوي الدكتور محمد فتح الباب، شدد على أن الراحة النفسية خلال الإجازة جزءاً أساسياً من نجاح العملية التعليمية، موضحاً أن الدماغ يحتاج إلى فترات توقف ليعيد نشاطه ويركز، مؤكداً أن الواجبات يجب أن تصمم جسراً ناعماً بين فصليْن دراسيين لا امتداداً مرهقاً للمنهاج.
يؤكد أن الطالب الذي يعود مرتاحاً سيكون أكثر استعداداً للتعلم.








