تشير المصادر الطبية إلى أن تشوش الذهن بعد الولادة ظاهرة شائعة ومؤقتة. يظهر هذا الوضع غالبًا خلال الأسابيع أو الأشهر الأولى بعد الإنجاب، فيظهر كصعوبة في التركيز ونسيان متكرر وتعب ذهني مستمر. يفسر الأطباء ذلك بأنه استجابة جسدية ونفسية للتغيرات الكبيرة التي يمر بها الجسم إضافة إلى التكيف مع مسؤوليات الأم الجديدة. لا يعني وجود هذه الأعراض ضعفًا أو قصورًا؛ فهي جزء من التغيرات التي تمر بها الأم بعد الولادة.
أسباب تشوش الذهن
تتفاعل عوامل متعددة لحدوث الحالة؛ أهمها انخفاض مفاجئ في هرموني الإستروجين والبروجسترون بعد الولادة. إلى جانب ذلك، تواجه الأم قلة نوم مستمرة بسبب رعاية المولود، ما يؤثر في اليقظة والتركيز. يترافق ذلك مع الإجهاد البدني والنفسي وتكيف العاطفي مع المسؤوليات الجديدة. في هذه المرحلة يعمل الدماغ بنظام حفظ الطاقة مع أولوية لرعاية الطفل والتعافي، مما يقلل من نشاط التفكير المعتاد.
أعراض شائعة
تشترك الأمهات في مجموعة من الأعراض تتمثل في صعوبة التركيز والنسيان للمواعيد والتفاصيل البسيطة. كما قد يعانين من تباطؤ في التفكير وشعور بالإرهاق المستمر حتى بعد الراحة. وتظهر تقلبات مزاجية وحساسية عاطفية أو إرهاق سريع عند اتخاذ قرارات بسيطة. ولا يُشترط ظهور جميع الأعراض معًا، فقد تتفاوت وتيرتها من أم إلى أخرى خلال الأشهر الأولى بعد الولادة.
متى يكون الأمر طبيعيًا؟
يبدأ التحسن عادة مع انتظام النوم وتوازن الهرمونات وتعود الأم إلى نمط الحياة الجديد. يؤكد الأطباء أن هذه الفترة تتطلب صبرًا ودعمًا من الأسرة وتتفاوت في مدتها بين امرأة وأخرى. مع مرور الأسابيع، تتحسن القدرة على التركيز وتقل الأعراض تدريجيًا وتتصاعد القدرة على التكيف مع المسؤوليات اليومية.
متى يجب طلب المساعدة؟
رغم أن تشوش الذهن حالة طبيعية، إلا أنه يُستحسن متابعة الأعراض إذا استمرت أو تفاقمت لفترة طويلة. خصوصًا إذا رافقتها علامات مثل الحزن الشديد، القلق المفرط، نوبات الذعر، أو فقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية. قد تكون هذه العلامات إشارات إلى اكتئاب ما بعد الولادة أو اضطرابات القلق وتتطلب تدخلًا طبيًا ونفسيًا عاجلًا. يعتبر طلب المساعدة خطوة شجاعة لحماية صحة الأم والطفل معًا.








