تؤكد المصادر الصحية أن الجلد يحتاج إلى توازن دقيق بين الماء والدهون الطبيعية لحمايته من الجفاف وللحفاظ على نعومته ومرونته. عندما يختل هذا التوازن بسبب العوامل الخارجية أو الداخلية، يفقد الجلد قدرته على الاحتفاظ بالرطوبة ويظهر جافًا ومتقشرًا رغم الترطيب المستمر. يرى البعض أن التقشر المستمر ليس مسألة جمالية فحسب بل قد يدل على اضطرابات أعمق في بنية الجلد ووظائفه الحيوية. بناءً على تقارير صحية متخصصة، يعكس تقشر الجلد المزمن خللًا في تجديد الخلايا أو في وظائف الحاجز الدهني للجلد.
يُلاحظ أن الاستحمام بالماء الساخن لفترات طويلة أو استخدام صابون قوي يزيل طبقة الدهون الواقية من الجلد، كما أن الهواء الجاف في الشتاء يعزز فقدان الرطوبة. يؤدي ذلك إلى زيادة الحاجة إلى الترطيب اليومي ويفسر سبب الاختلال في التوازن بين الماء والدهون. كما أن بعض العادات اليومية مثل قلة شرب الماء، الجلوس المستمر في أماكن مكيفة، والتعرّض المتكرر للمنظفات المنزلية تساهم في جفاف البشرة. في هذه الحالات قد يحتاج الجلد إلى رعاية أكثر تخصصًا من مجرد كريم ترطيب عادي.
أسباب طبية وراء تقشر الجلد رغم الترطيب
اضطراب حاجز الجلد هو حالة تتلف فيها الطبقة الخارجية بسبب الالتهابات أو المواد الكيميائية القاسية، ما يسرّع فقدان الماء ويقلل من فاعلية الترطيب. ليس السبب في قلة الترطيب هنا، بل تلف الحاجز نفسه يجعل البشرة أكثر حساسية وتكشفًا للجفاف. يفيد استخدام كريمات مهدئة تحتوي على السيراميدات ومركبات مضادة للالتهاب في تصحيح هذه الأوضاع.
الأكزيما أو التهاب الجلد التأتبي من أكثر الأسباب شيوعًا للتقشر، وتصحبه غالبًا حكة واحمرار لدى أصحاب البشرة الحساسة. يعانون من نقص في إنتاج الزيوت الطبيعية ما يجعل البشرة أكثر جفافًا. يتطلب العلاج كريمات مهدئة تحتوي على سيراميدات ومضادات الالتهاب المناسبة.
نقص بعض الفيتامينات والمعادن مثل فيتامين A وE وبيوتين يضعف تجدد الخلايا ويحرم البشرة من قدرة مرونة مناسبة. هذا النقص يجعل الجلد أضعف وأكثر تقشرًا حتى مع ترطيب منتظم. إدماج نظام غذائي متوازن أو استشارة الطبيب يمكن أن يساعد في تصحيح هذه النواقص.
الأمراض الجلدية المزمنة مثل الصدفية تقلل من تنظيم نمو الخلايا وتكوّن طبقات سميكة من الجلد الميت. يظهر ذلك كقشور سميكة وتبقى البشرة متقشرة حتى عند الترطيب. يكون الترطيب وحده غير كافٍ ويستلزم علاجًا طبيًا يخفف الالتهاب ويعيد تنظيم النسيج.
ردود الفعل التحسسية تجاه مكونات في المرطبات قد تُحدث تقشرًا بدلاً من تقليلها. قد تظهر الأعراض مع عطور أو كحول أو مكونات أخرى. يجب تغيير المنتج أو التوجه لطبيب لاختيار منتجات مناسبة.
العوامل البيئية وسلوكيات الحياة اليومية
تلعب العادات اليومية دورًا رئيسيًا في جفاف البشرة؛ فقلة شرب الماء، والجلوس المستمر في أماكن مكيفة، والتعرض المتكرر للمنظفات المنزلية تسرّع فقدان الرطوبة. كما أن اختيار أقمشة خشنة أو احتكاك مستمر بالجلد قد يفاقم التلف السطحي. يمكن لتبني عادات بسيطة مثل تنظيم درجات الحرارة في المنزل وتقليل التعرّض للمواد الكيميائية أن يحسن ترطيب البشرة.
العلاج: أكثر من مجرد ترطيب
يؤكد الأطباء أن العلاج الفعّال لا يقتصر على وضع كريمات الترطيب بل يتضمن إعادة بناء حاجز الجلد وتحفيز قدرته على الاحتفاظ بالرطوبة. يوصى باستخدام مرطبات غنية بالسيراميدات، وحمض الهيالورونيك، والجلسيرين، مع تجنّب الماء الساخن واستخدام الماء الفاتر أثناء الاستحمام. كما يفضل اختيار صابون لطيف خالٍ من العطور والكحول. وفي الحالات المزمنة يحتاج الأمر لاستشارة طبيب الجلدية لوصف أدوية موضعية كالكورتيزون أو أدوية مضادة للفطريات إذا كانت العدوى سببًا.
إذا استمر التقشر أكثر من أسبوعين رغم الترطيب المنتظم، أو صاحبته حكة شديدة، أو تشققات مؤلمة، أو احمرار متزايد، فهذه علامات تستدعي فحصًا طبيًا عاجلًا. قد تكون هناك عدوى فطرية أو أمراض مناعية تتطلب علاجًا متخصصًا وليس ترطيبًا سطحيًا. ينبغي عدم التردد في التماس الرعاية الطبية في حال تفاقمت الأعراض.








