تؤكد الدراسات أن السمنة البطنية ليست مسألة جمالية فحسب؛ بل تحمل مخاطر صحية كبيرة على القلب. وتُلاحظ النتائج أن مؤشر كتلة الجسم وحده لا يعكس توزيع الدهون في الجسم، فالتراكم الحشوي في منطقة البطن يفرز مواد مرتبطة بالالتهاب وتؤثر سلباً في وظائف القلب. وتشير الأدلة إلى أن السمنة البطنية ترتبط بتضخم عضلة القلب وانخفاض حجم حجرات الدم، وهو ما يرفع احتمال القصور القلبي حتى وإن بقي الوزن ضمن المعدل. وبالتالي يصبح فهم هذا النوع من السمنة أساسياً للوقاية واتخاذ تغييرات نمط الحياة اللازمة.
فهم السمنة البطنية والمخاطر المرتبطة بها
يُستخدم عادةً مؤشر كتلة الجسم لتشخيص السمنة العامة، ولكنه لا يقيس توزيع الدهون في الجسم. فالسمنة البطنية تأخذ بعين الاعتبار الدهون الحشوية الموجودة في عمق تجويف البطن، وتُفرز مواد كيميائية وهرمونات قد تُثير الالتهاب وتؤثر سلباً على صحة القلب. وتُظهر نتائج الدراسات أن وجود الدهون الحشوية يرتبط بتغيرات في وظائف القلب وتضخم في عضلة القلب مع انخفاض في سعة الحجرات، وهو نمط يختلف عن السمنة العامة. كما أن ارتفاع محيط الخصر إلى محيط الورك WHR يقترن بتضخم عضلة القلب دون زيادة في حجم الحجرات، مما يستمر كعامل مخاطر حتى لو بقي BMI ضمن المعدل.
الفرق بين السمنة العامة والسمنة البطنية
توضح الفروقات بين السمنة العامة والسمنة البطنية نمطاً قلبياً مختلفاً. فالزيادة في BMI غالباً ما ترتبط بتضخم غرف القلب كجزء من التكيف الدموي، بينما ترتفع مخاطر السمنة البطنية عندما يتزايد WHR وتحدث زيادة في سماكة عضلة القلب دون زيادة في حجم الحجرات. وتظل هذه التغيرات الصحية مقلقة لأنها تضغط على وظيفة القلب وتزيد احتمال التطور إلى قصور القلب حتى في وجود نطاق BMI عتبة طبيعية. وبذلك تكون قياسات توزيع الدهون أداة مهمة في تقييم المخاطر القلبية بشكل أدق من BMI وحده.
لماذا الرجال أكثر عرضة للخطر؟
تبرز النتائج أن الرجال يظهرون تغييرات قلبية أكثر وضوحاً من النساء عندما تكون الدهون مركّزة في البطن. فالضغط الناتج عن الدهون المحدّدة في منطقة البطن يؤثر على الحجاب الحاجز والرئتين ويؤثر على التنفس ووظائف القلب، مقارنةً بالنساء. ويرجع ذلك جزئياً إلى وجود حماية هرمونية من الاستروجين لدى النساء في فترات ما قبل انقطاع الطمث، فيما تتزايد المخاطر مع التقدم في العمر وبعده عندما يفقد هذا الحماية. لذا يتزايد الاهتمام بمتابعة النساء بشكل دوري في وجود سمنة بطنية.
التغيرات القلبية المبكرة والفحص المبكر
تكشف تقنيات التصوير المتقدمة عن إشارات إجهاد مبكر في عضلة القلب لدى الرجال المصابين بالسمنة البطنية قبل ظهور الأعراض. وتتيح هذه المؤشرات المبكرة للأطباء فرصة اتخاذ إجراءات وقائية مبكرة من خلال تغييرات نمط الحياة، مثل تحسين النظام الغذائي والنشاط البدني. كما يمكن أن تسهم الفحوصات المتقدمة في التمييز بين تضخم عضلة القلب المرتبط بالسمنة وبين التغيرات الأخرى الناتجة عن ارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلقلة، ما يساعد في وضع خطة علاجية مناسبة.
استراتيجيات الوقاية والتوصيات الطبية
ينصح بممارسة التمارين الرياضية بانتظام، مع الدمج بين تمارين الأيروبيك وتقوية العضلات لتقليل الدهون الحشوية وتحسين الصحة العامة. كما يُوصى باتباع نظام غذائي صحي يركز على الخضراوات والبروتينات قليلة الدهون والدهون الصحية، وتجنب الوجبات المصنعة. ويجب على الرجال ذوي WHR المرتفع أو العلامات المبكرة للتغيرات القلبية استشارة الطبيب للحصول على توجيهات شخصية وتقييم منتظم. وتتكامل هذه الإجراءات مع متابعة طبية منتظمة وتعاون فريق الرعاية الصحية لتحقيق تحسن ملموس في الصحة القلبية والوقاية من المضاعفات المرتبطة بالسمنة البطنية.








