رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

القطب الشمالي يسخن بصمت وذوبان الجليد يهدد طقس الشتاء عالميًا

شارك

انخفاض الجليد وتأثيره

تعلن الفرق البحثية أن الذوبان المتسارع للجليد البحري في القطب الشمالي أصبح ملموسًا هذا الصيف، إذ أظهرت بيانات الأقمار الصناعية امتداد جليد أقل من المتوسط في السنوات الأخيرة. يلاحظ انخفاض في المساحة وتراجع في السمك، ما يجعل الكتل الجليدية أقل قدرة على التحمل أمام موجات الحرارة والرياح. حتى حلول أواخر الصيف يعود المحيط إلى حالته الدافئة بلا وجود طبقة عازلة من الجليد، وهو أمر يبرز ليس كفقدان للماء فحسب، بل كفقدان لسطح كان يعكس ضوء الشمس إلى الفضاء.

يفصح البحث عن أن الامتداد والنمط السميك للجليد أصبحا أقل مما كان عليه سابقًا، ما يجعل الجليد أكثر عرضة للكسر وأسرع ذوبانًا حتى خلال فترات البرد. تتعقب الفرق البحثية ليس المساحة فحسب، بل سمك الجليد أيضًا، حيث أشارت البيانات إلى أن معظم الكتل الحالية أصغر حجمًا وأقل سماكة. وبحلول أواخر الصيف، يصبح الموقف أقرب إلى فصل الشتاء حين يتقلص الجليد بشكل إضافي، مما يضع القطب الشمالي في وضع غير مواتٍ.

تأثير المحيط والدوامة القطبية

يشرح المركز الوطني للثلوج والجليد أن الجليد البحري يعمل كدرع يعكس جزءًا كبيرًا من ضوء الشمس إلى الفضاء، بينما تمتص المياه المفتوحة غالبًا معظم الطاقة الشمسية وتخزّن الحرارة قرب السطح. بمجرد ذوبان الجليد، يصعب تكوّن جليد جديد لاحقًا بسبب الحرارة المخزنة في الطبقات العُليا من المحيط، ما يخلق حلقة مفرغة تقود إلى زيادة حرارة المياه وتراجع الجليد. وتُسمّى هذه الظاهرة بتأثير البياض، وهو أمر يمكن رصد آثاره في البيانات.

تؤدي الحرارة الزائدة في الطبقات القريبة من سطح المحيط إلى أن يظل القطب الشمالي أكثر انخفاضًا في البرودة مقارنة بخطوط العرض الأدنى، وهذا يجعل الدوامة القطبية أحيانًا أقوى وأكثر استقرارًا عندما يكون القطب باردًا. مع ارتفاع درجات حرارة المنطقة وتقلّص الجليد، يضعف الاختلاف الحراري بين القطب وخطوط العرض السفلى، ما قد يفسح المجال لتمدد الدوامة أو تذبذبها. كذلك قد يؤدي ذلك إلى دفع الهواء القطبي البارد جنوبًا حين يتحرك الهواء الدافئ شمالًا في أجزاء أخرى من العالم.

مخاطر الشتاء القادم

يتزاوج ذلك مع وجود مؤشرات تحذيرية عدة في آن واحد، فالجليد البحري منخفض وحرارة المحيط مرتفعة وأنماط الطقس تبدو غير مستقرة، وهذا لا يعني بالضرورة شتاءً قاسيًا، بل يرفع احتمالات تقلبات جوية أعلى من المتوسط. يحرص العلماء على استخدام تعبيرات دقيقة بينما يفهمون أن الطقس معقد وتتنافس فيه عوامل عدة، ومع ذلك تتضح الانعكاسات عندما تتغير أنماط القطب الشمالي بسرعة. ينتظر الباحثون حلول الشتاء ليس لأنها مؤشرات مؤكدة، بل لأنها تحمل رسائل بشأن تأثيرات التغير المناخي على أنماط الطقس عبر فصول السنة.

عند السؤال عما يختفي مع ذوبان الجليد، يُشار إلى فقدان الاستقرار بين المحيط والهواء؛ فحتى الآن كان الجليد بمثابة حاجز يبطئ التبادل الحراري ويساعد على استقرار الأنماط الجوية، ومع ذوبانه أصبح القطب الشمالي أكثر استجابة وتقلبًا. لا تقتصر العواقب على أقصى الشمال بل تمتد إلى الخارج بشكل تدريجي وغير منتظم، وتظهر إشاراتها مع حلول الشتاء حين يتجمد الهواء تدريجيًا.

مقالات ذات صلة