رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

علاج الأسنان بدون ألم بين الحلم والواقع بقلم الدكتور خالد حنونة

شارك

 

مع التقدم العلمي الحاصل في جميع المجالات وغزو التقنية الحديثة ‏لمجالات الحياة كافة، تطورت الطرق الطبية العلاجية بشكل ملفت ‏خصوصاً مع اتمتة الاجهزة الطبية ودخولها عصر تقنية النانو. وبما ان ‏الهدف الاول لاي تطور تكنولوجي هو تسهيل حياة الافراد، فقد كان لزاماً ‏إيجاد طرق جديدة لتوفير علاج أكثر سلاسة وأقل ألماً للمريض.‏

وكما نعلم جميعاً فإن واحدة من أكثر الزيارات التي نكرهها جميعا هي ‏زيارة طبيب الاسنان، ففي دراسات عدة أبرزها دراسة اجريت في اليابان ‏شملت شرائح عمرية مختلفة لاكثر من ٣٠٠٠ شخص كانت نتيجتها ان ‏أكثر من ٤٢٪ ممن شملتهم الدراسة يعانون من (خوف شديد) من علاج ‏الاسنان قد تصل لما يعرف برهاب علاج الاسنان ‏‏(‏ODONTOPHOBIA‏) وخصوصا الخوف من الابرة. و المشكلة هنا ‏لاتكمن في الخوف ذاته لكن في تبعاته، فهذا الخوف سيدفعك في النهاية الى ‏تجنب زيارة الطبيب الاسنان الدورية كل ٦ اشهر وحتى تجاهل الآلام ‏الناتجة عن التسوس او الالتهابات الفموية والوصول إلا حالة صحية فموية ‏سيئة قد تحتاج علاجات اكثر تعقيداً وتكلفة من تلك التي تجاهلتها في ‏البداية. لكن هذا الخوف غير مبرر وفي كثير من الحالات مرتبط بتجارب ‏سابقة او فكرة خاطئة غير حقيقية. ففي دراسة اخرى اجريت على مرضى ‏في غرفة الانتظار لعيادة طبيب الاسنان وجدت الدراسة ان خوف ‏المريض من الم العلاج خلال وجوده في غرفة الانتظار تماثل أربع ‏اضعاف الالم الحقيقي للعلاج السني الفعلي! مما يدفعنا للسؤال عن السبب ‏والحل الامثل لمثل هذه المشكلة.‏

وعلى ما يبدو فان دخول التقنية عيادة الاسنان قد اعطانا احد الحلول التي ‏قد تكون مناسبة. فاليوم اصبح من الممكن ان تحصل كمريض على علاج ‏أقل ألماً لأسنانك.. واركز على أقل ألم وليس بلا ألم اي ‏PAINLESS‏ ‏وليس‎ PAIN-FREE‏, فبعض الالم هو جزء من العلاج لا يمكن تجنبه ‏بالكامل بعد.‏

وبالعودة لموضوع الابرة، وعلى اعتبارها السبب الابرز لرهاب علاج ‏الاسنان فيجب التوقف عندها لبرهة، فعلى الرغم من التطور الذي طال ‏اختصاصات طب الاسنان كافة خلال العقود السابقة إلا ان تطورا لم يطرأ ‏على الابرة (‏Syringe‏) منذ اختراعها اواخر القرن الثامن عشر حتى عام ‏‏٢٠٠٧ حيث قامت احد الهيئات البحثية العلمية الامريكية بتمويل مشروع ‏ابتكار تقنية تخدير جديدة عرفت ب ‏C-CLAD (computer ‎controlled local anesthesia delivery system‏) او التخدير ‏باستخدام الكمبيوتر أقل ألما هذه التقنية متوافرة في نسبة كبيرة من العيادات ‏في دولة الامارات العربية المتحدة كما في كثير الدول المتقدمة، حتى انها ‏اصبحت مؤخراً احدى تقنيات التخدير التي يتم تدريسها في الجامعات ‏الالمانية. وتعتمد هذة التقنية على استخدام جهاز الكتروني يحوي حاسوبا ‏دقيقا حساس جدا للضغط يتحكم بحجم الضغط الناتج عن حقن المحلول ‏المخدر داخل الجسم، فعادة بارتفاع الضغط ترتفع درجة الالم. وتقوم فكرة ‏هذا الجهاز بإبقاء الضغط منخفضة خلال الحقن تحت عتبة الالم مما يوفر ‏حقنة ذات الم اقل او بدون الم في كثير من الحالات. احد ميزات هذا النظام ‏انه استبدل المحقنة المعدنية، والتي يراها البعض كفلم رعب وخصوصا ‏الاطفال، بقطعة بلاستيكية صغيرة لاتكاد ان ترى حتى. وبذلك تم التغلب ‏على عاملي الخوف من الالم ومن شكل المحقنة او الابرة.‏

اليوم تم انتاج جيل جديد من هذه الاجهزة اكثر تطوراً ويتم ابتكار طرق ‏تخدير وتركين جديدة ابرزها استخدام غاز اكسيد النيتروز او ما يعرف ‏بغاز الضحك لتركين وتهدئة المريض ومساعدته في التغلب على ذلك ‏الغول الوهمي الا وهو الخوف من علاج الاسنان.‏

وفي النهاية علينا ان نُقرَّ بحقيقة دامغة وغير قابلة للجدال بانه ومهما بلغ ‏التقدم التكنولوجي، سيبقى العامل البشري الانساني، المبني على التواصل ‏والتفاهم والثقة بين الطبيب والمريض، سيبقى هو العامل السحري (‏X-‎factor‏) في معادلة العلاج والصحة.‏

 

مقالات ذات صلة