مهندس معماري سوري المولد والجنسية درس الهندسة المعمارية في جامعة دمشق وتخرج منها في أواخر التسعينات تميز عن أصدقائه في الكلية بطريقة لافتة وكانت ملامح التفرد واضحة على كل تصرفاته . بدأ العمل و هو طالب في السنة الثانية كسب ثقة المطورين المعمارين قبل تخرجه وتواجد في أكبر المشاريع العمرانية في سوريا وخرجت للعلن تصاميمه الجميلة قبل أن يتخرج بوقت طويل أسس شركة ( المستقبلية ) التي لاقت نجاحأ واسعا بسرعة كبيرة
وتوج هذا التفرد والتميز بمشروعه العظيم (روح الشرق) الذي أكسبه شهرة كبيرة عن بقية المهندسين نظرائه
شغفه الأول والأخير إدخال الروح إلى التصاميم المعمارية الحديثة و ذيادة قيمتها الفنية عبر لمسات من الأصالة الشرقية
.تحدث للمنارة وكان هذا الحوار
دبي :عبدالله شعبان
في البداية مالدافع الأساسي لإختيارك الهندسنة كدراسة …
أنا شخص أعشق المنحيات والرسم وأتزوق الألوان والزوايا
حسب السيرة الذاتية لديك فأنت مهندس معماري درست المناهج التطبيقية وإنطلقت للحياة العملية بدون اللجوئ الى البرامج الهندسية المتطورة
نعم أنا لا أتبع الى تلك المدرسة التي تعتمد على البرامج التكنلوجية الحديثة .بل بالعكس فأنا إكتسبت خبرتي على أرض الواقع قبل التخرج من المعمارين القداما الذين يتمتعون بالحس العالي في التصميم والرسم الفني الخالص
انطلقت للحياة العملية مبكرأ حتى قبل التخرج وفي اليوم التالي لتخرجك أنشأت شركتك الخاصة للإستشارات الهندسية ….كيف واجهت هذه التحديات
في أواخر التسعينات كان هناك نوع من أنواع الهبوط في السوق العمرانية في بلدي وكان هذا هو التحدي الأكبر بالنسبة لي فلقد أنشأت شركتي بعد إسبوع من تخرجي ..واجهتنا معارضة قوية من الكبار في السن في هذا المجال وحتى المقاولون أشارو إلينا بأن هذه الخطوة خطيرة وصعبة جدأ ونُصحت بالتخلي عنها والعمل في أي مكتب هندسي كي أبدأ من هناك .
طبعا لم أرضخ لكل هذه الضغوط وتابعت العمل في مكتبي وكنت أقوم بكل المهام تقريبا من تصميم وتنفيذ واستقبال ورسم المخططات حتى لم أستطع أن أضيع ولا اي يوم من دون عمل وجهد والإعتماد على نفسي وتوالت المشاريع على مكتبي مع العلم بسيطرة المقاولين على كل شي في تلك الفترة.
الصعوبة بمكان أن في تلك الأيام لم يكن متعارف عليه أبدا أن يقوم المقاول أو شركات المقاولات بالدفع المادي فقط للمصممين على ورق وحاولنا إنطلاقأ من هذا التفرد لدى شركتنا بنشر الوعي القاضي بأهمية التصميم لأي مشروع في إعطائه هويته وكما تعلم فأن شواهد الحضارات القديمة قائمة على تصاميم عاشت ألاف السنين وبدأنا بنشر هذه الثقافة و الوعي بين شركات المقاولات لإبراز أهمية التصميم وعمق معناه
ماالفرق بين الأعمال الفنية . و الأبنية المصممة بطريقة فنية
التصميم هو أساس أي شيئ فاليوم البلدان تتباها بمالديها من تصاميم معمارية تحمل الطابع الفني الرفيع
فحضارات الشعوب تنسب إلى المخزون الفني الكبير لديها ويشكل الطابع المعماري الفني جزء كبير من هذه الحضارة والشواهد عظيمة كالإهرامات وسور الصين العظيم . فأنا أعتقد أن التصميم المعماري هو جزء من حضارة الشعوب كافة ..و أنا أرى أن العمارة الفنية هي شيئ ظاهر لكل الناس أما الأعمال الفنية الأخرى فلا يستطيع أن يتذوقها إلا المثقف كالرسم والشعر والفنون الأخرى .و بالتالي العمارة تعكس الثقافة الكاملة للأمم و العمارة تحتوي ولا تُحتَوى
كيف وصلت إلى الناس في تلك الفترة مع العلم أن المعمول به وقتها كان بعيد كل البعد عن التصميم والرسم .
أعود وأقول العمارة هي التي تعكس الثقافة فالأعمال الفنية تضعها ضمن مبنى معماري وهذا هو الإحتواء والحمد لله بوقت قياسي وسريع إستطعنا أن نضع بصمة جيدة عند الناس التي تهتم نوع ما للفن والأرث الثقافي . أما السوق الذي كان صعب جدا في تلك الفترة إستطعنا تحويله الى ميزة .مع العلم أن مواطن بلاد الشام لديه الكثير من المتطلبات ويحمل الزوق الرفيع وإنتقائي جدا ونشرنا ثقافة التصميم وأحدثنا الفرق في ذالك
كيف تميزت شركتك عن باقي الشركات الهندسية ولماذا.
السبب هو بعد عدد مقبول من المشاريع التي أكسبتنا بعض السمعة الطيبة أصبحنا نلجأ في الشركة لعرض الأعمال الفنية وليس فقط الأعمال العمرانية فمنذ البداية أخدت الشركة منحى الإنتقائية المائلة الى الأعمال الفنية
ماهو أكبر نجاح للمهندس بنظرك .
اكبر نجاح للمهندس أن يقوم بتصميمه الفني الذي يتناسب مع الحالة الإنسانية للمعيشة.. وهذا هو أعلى درجات النجاح برأي هل نستطيع قولبة العمارة برأيك .
كلا أبدا لانستطيع . لايوجد معماري لم يعمللى الأعمال الشرقية القديمة وبنفس الوقت وضعها في مكان وزمان يتناسب مع الحاضر لذلك لا تقولب العمارة أبدا ولا حتى المهندسين المعمارين …و موضوع الموضة والدارج هو موضوع ضروري ففي كل زمن يجب أن يحدث تغير ما كي تستطيع السوق استيعاب التصاميم الجديدة وإعطاء الفرصة للأعمال الحديثة كي لاتكدث الأسواق و هذا الموضوع ينطبق على كل شيئ وليس فقط على العمارة
الواضح في تصاميمك الربط الدائم بين الحداثة و الخط العربي ….لماذا .
أنا إختر ت لمشاريعي أن اربطها بالجذور مع المحافظة على الحداثة وبطريقة جميلة وليس فقط موضوع تعلقي بعربيتي أو حبي لهذا التراث العظيم ولكن في نفس الوقت هذه مسوؤلية كبيرة على عاتقي للمساعدة في مد جسور الأصالة بين عملي وجذوري …
تصامميمك المباعة لديها قيمتها الفنية .كيف إستطعت فرض الطابع الفني على المقاولين المنفذين .
في بعض المشاريع المسلمة وخلال الزيارات التفقدية كنت انصدم جدأ بطرق تنفيذ المقاول للعمل الفني الذي يخص شركة المستقبلية الخاصة بفريقي. وعلى وجه السرعة إتخذت القرار بإنشاء شركة مقاولات خاصة لتنفيذ المشاريع التي تخرج من مكتبنا وهذه الشركة لاتعمل على تنفيذ أي مشاريع للمهندسين أو مصممين أخرين . و كانت النتائج عظيمة جدأ و أصبحنا موجودين على الأرض بقوة كبيرة ودعم هائل لروئيتنا الفنية في العمل
تقريبا أين وصلت شركة المستقبلية الآن .
الحمد لله شركة المستقبلية إنطلقت من سوريا وأصبحت الأن موجودة في مجمل البلاد العربية. و أخيرا كان التواجد خليجا بشكل كبير . والذي ساعد المستقبلية للتواجد هناك هو تنفيذ أعمال الديكور بالإضافة الى التصاميم العمرانية الفريدة .فنحن على صعيد الديكور متواجدين في جميع دول الخليج من دون أي إستثناء
وأنا أرى أن التفاصيل الداخلية بنفس الأهمية الفنية للعمارة الخارجية
هل تتابع أحد من المعمارين العالمين
المعماري الإسباني غاودي يعجبني كثيرا وللعلم هو ليس مهندس أبدأ بل هو معماري بالفطرة فقط يعتبر رمز من رموز إسبانيا وعندما تزور إسبانيا لابد لك أن تشاهد أحد أعماله الشهيرة . وهذا مايثبت للجميع بأن الجامعة هي فقط لتضعك على الطريق …ولكن إن لم يكن لديك الموهبة فالطريق مسدود حتما
تمتلك المعمل الوحيد والفريد من نوعه في العالم لصناعة قطع القيشاني يدويا (روح الشرق ) حدثنا عن هذا العمل الفني المتفرد
عندما تخرجت من الكلية وأصبحت شركة المستقبلية رائدة في مجال التصميم في سوريا وضعت في أحد تصاميم الفنادق مادة القيشاني على الجدران وطلبت بحددون الثلاثة مئة قطعة ووضعتهم في المخططات على إعتبار سوريا هي بلد القيشاني . فبلدي وجدت فيها أقدم قطعة قيشاني في العالم على الإطلاق بعمر 4500 سنة
وبدئنا البحث في السوق لكي نحضر المواد للمشروع . تفاجأت بأن هذا الفن العريق قاب قوسين إلى الإنقراض والقائمين عليه إناس كبار في السن وتقريبا الإنتاج شبه منزلي ومعدم تقريبأ ,
إتخذت القرار وأنشأت المعمل لصناعة القطع وبالطريقة القديمة اليدوية لكي نحافظ على أصالة المنتج الملئ بالفن العريق وأسست فريق عمل كامل من رسامين وخطاطين مشهورين جدأ وبدأنا العمل على المشروع
كيف إستطعتم أن تصلوا الى سر هذه الحرفة وأنتم لديكم فريق لم ينتج أي قطعة من قبل
بحثنا في السوق وجلسنا مع الكل لا أحد نصحنا او اشار إلينا بالطريقة الصحيحة بالعكس تماما نحن بدأنا العمل ولم نستفد من أحد فقط تجاربنا الكثيرة هي التي أوصلتنا إلى هنا وانا أذكر إحدى الحالات الأولية من القطع التي دخلت الى الفرن أكثر من عشرين مرة حتى وصلنا إلى الخلطة الصحيحة
لماذا كانت التسمية( روح الشرق) للمعمل .
عندما خرجت أول قطعة بعد جهد جهيد وعدة محاولات في اللحظات الأولى قمنا بفتح الفرن وكانت القطعة كاملة أحسست بوجود الروح فيها ومن هنا أتت هذه التسمية … وانت عندما ترى قطع القيشاني ترى كل قطعة تتكلم ولديها الروح الشريقية المميزة
هل واجهتك المشاكل في إدخال منتجات روح الشرق إلى السوق .
في البداية كانت المشكلة الكبيرة هي بأن القيشاني يستخدم فقط في السرايا والقصور أما اذا وجدت في البيوت العادية فتكون على شكل لوحة أو لوحتين فقط وبالتالي ترفع من سعر هذا البيت ويصبح المنزل لايقدر بثمن لعراقة اللوحات …واكبر الشواهد على ذالك عندما كست الحكومة العثمانية قبر الرسول (ص) بمادة القيشاني …ومن شواهد هذه المادة في سوريا هو حمام القيشاني الذي انشئه أحد سلاطين العثمانين ولتكريم الحمام سمي الحمام بإسم المادة وأٌخذت هذه الثقافة بطريقة خاطئة .وكلما تحدثنا أمام المقاولين عن هذه المادة يكون جوابهم هذه المادة للحمامات. وكان هذا التحدي بأن تنشر ثقافة المادة العريقة التي فهمت بالطريقة الخطأ
لماذا هذه المادة هي رمز من رموز الدولة (التركية) كيف ذالك. وماالفرق بين (روح الشرق) والقطع التركية
في مدينة إزنك التركية يوجد أكثر من معمل قيشاني مما إطر الحكومة التركية لشرائها كلها ووضعها تحت إسم معمل واحد وإعتماد القيشاني في كل مراكز الدولة التركية وأصبح القيشاني جزء من الثقافة التركية .الذي هو بالأساس موجود بدمشق من قبل .والفرق بين (روح الشرق) والمعمل التركي هو التكنلوجيا فروح الشرق هو معمل يدوي خالص يبدأ من الرسم الى الخط الى القص و الفرن وتخرج القطعة من المعمل بطريقة يدوية مئة بالمئة لتحافظ على سحرها ورونقها
هل قطع القيشاني التي في المغرب العربي تشبه قطع القيشاني في سوريا
لا أبدا الموجود في المغرب العربي هذا فن أخر وحضارة إخرى قائمة بحد ذاتها وإسمها (الزليج) وهي عريقة جدا وموادها تختلف عن مواد القيشاني كليا
هل القيشاني هو فن تركي أم فن عربي من بلاد الشام .
لا هذا ولا ذاك هو فن موجود في بلاد الشام منذ 4500 سنة ووصل إلى تركيا أيام الدولة العثمانية ووجدة أقدم قطعة قيشاني في التاريخ في دمشق … ولانستطيع أن ننسب الفن إلى أي أحد
كيف بدأتم العمل .هل إخترعتم لوحات جديدة أم ماذا
نحن كي لا نقترب من التاريخ يوجد لوحات كثير ومعروفة بموادها وقياساتها وأشكالها أعدنا بنائها حفاظاً على التاريخ والتراث ولم نغير فيها أي شي حتى أدق التفاصيل بالقياس واللون والشكل وكان عملنا الأولي حماية التراث وإحيائه و تطويره عبر نشر اللوحات في الأماكن الشهيرة والسياحية بسوريا ..وبدات اللوحات تصل إلى باقي الدول العربية تدريجياً
للعلم إن لوحات القيشاني المنتجة في معمل (روح الشرق) هي نتاج عمل لمجموعة كبيرة من الفنانين تخضع لمراحل عمل كثيرة بين الرسم والتقطيع والتلوين و التخطيط قبل دخولها الأفران
هل شارك (روح الشرق) بمعارض عالمية .
نعم شاركنا بالكثير من المعارض في أوربا ولاقت لوحات القيشاني الإستحسان الكبير. ولكن أنا لا أريد لهذا المعمل الإحتواء أبدا فكنا ننشر هذه الثقافة والفن الرائع في جميع مشاريعنا حول العالم وقدمنا للحكومة السورية الكثير من الأعمال الفنية الرائعة لدعم المناطق الأثرية وشاركنا في ترميم البعض منها ..وكرمت أنا شخصيا من وزارة السياحة في بلدي على جودهي في إحياء هذا التراث العظيم
كيف ترى المستقبل ل معمل (روح الشرق)
بعد الإحتكاك المباشر مع الشركات العالمية الإيطالية والتركية والإسبانية وخروج المعمل إلى العالمية أنا أرى روح الشرق هو المعمل الأهم حول العالم بمايقدمه من قطع غاية في الدقة والعراقة على إعتبار (روح الشرق ) بأنه المعمل الوحيد حول العالم الذي يعمل به يدويا من الألف إلى الياء وهذا مايميز (روح الشرق) عن كل المعامل الأخرى فلدينا البصمة البشرية في كل تفصيل من تفاصيل اللوحات .ومن خلال مشاركتنا بمعارض عالمية وإحتكاكنا المباشر مع الفن العالمي والثقافات الأخرى ولد لدينا التحدي الكبير الذي ساهم بتطورنا حيث أصبحت قطع القيشاني الأن تحاكي جميع عوامل الحت والتعرية الى أن أصبحت القطع تعيش مدى الحياة
لماذا يصنف معمل (روح الشرق) بالفريد من نوعه
الفرق واضح ليس لدينا خطوط إنتاج كباقي المعامل نحن فقط نقوم بالأعمال الفنية الفريدة من نوعها والغرض ليس الربح بل بالعكس هو مجرد رسالة ثقافية نريد أن تصل إلى الجميع بمعناها الأصيل
كيف أدخلت قطع (روح الشرق) إلى بلاد الخليج .مع الفارق في التنوع الثقافي
أدخلنا المعادن الى القطع و اللوحات مثل الذهب والفضة والنحاس مع تدخيل الخطوط العربية الجميلة لان هذه البلاد لديها تلك الطبيعة الصحراوية و المعادن تناسب هذه البيئة لانها تعكس الألوان و كوني مهندس بالأساس ومتواجد في معظم دول الخليخ فأنا أستطيع إدخال مواد القيشاني في كل مشاريعي بالشكل المناسب
