رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

عزيزتي أمل عرفة … اعتزلي رجاءً

شارك

الكاتب – حسام لبش

آنذاك، مطلع التسعينات، لم نكن على موعد مع فنانة تبرع في الطرب وتبصم في التمثيل وتتألق في التأليف على أن يأتي يوم تظهر فيه بارعة في تقديم البرامج.
 

جاء الأمر مباغتاً، لكن الجميع بصم له، بصم لتلك الصبية التي كان سبق لها أن ظهرت في أغنية تربعت على عرش الطرب الوجداني للوطن “صباح الخير يا وطني”، إذ جاء ظهورها في عالم الدراما ليغيّر الكثير من المفاهيم بالنسبة لفنان جديد.
 

لم تنتظر كثيرا حتى حجزت لنفسها مكانا في القمة، فالفنان مركزٌ وحوله يدور المخرجون بعكس ما هو شائع عن أن الفنان يبحث عن المخرج.
 

جاءت أمل عرفة وانطلقت بسرعة البرق لتفاجئ الناس في حمام القيشاني، وبظهور خرافي في مسلسل “خان الحرير” يوم أبدعت تمثيلا وغناءً باللهجة الغجرية حتى باتت شخصيتها تلك ملهمة للكثيرات من الحالمات بشغل أدوار مركبة وكبيرة كذاك الدور.
 

أمل عرفة خريجة مدرسة قامت في بيت يُرضِع الفن منذ نعومة الأظفار، فالموسيقى تخلق هناك عند أسطورة خالدة في وجدان اللحن العربي.. هناك كان سهيل عرفة، ومن تكن ابنة هذا القامة ستعرف طريقها إلى التجديد.
 

رفضت ارتداء قميص والدها والظهور على الشاشة باسمه برغم فخرها واعتزازها به وبتاريخه، لأن التألق الاحترافي لا يجوز أن ينسب إلى الآباء والأجداد! هذا ما آمنت به أمل فظهرت في التمثيل بعيدا عن الغناء لتثبت أنها موجودة باسمها وإمكاناتها بعيدا عن عالم الغناء الذي قد ينسب المغرضون تألقها فيه لوالدها.
 

اقتحمت الكوميديا من أوسع أبوابها وهل في الطرب كوميديا؟؟ بالتأكيد لا. إنه نوع صعب يقوم على ضرورة إضحاك الناس حتى وهم يبكون. نجحت في ذلك وبدون دعم موسيقي من الأب الكبير.
 

صممت بنفسها مسلسل “دنيا” وأتت بزميلة خان الحرير “شكران مرتجى” فنجحت معها في إضحاك البشر والحجر والشجر لسنوات إذ لا يعاد المسلسل على شاشة ما إلا وتخال أنك تشاهده لأول مرة.
 

أتت على البيئي الشامي والتاريخي والاجتماعي والكوميدي والفنتازي، وعلى الطرب، وكذلك على التأليف للدراما وعلى صياغة الأغنية.. أسهمت بتطوير كل نوع على حدا وفي وقت واحد… من يشكك بذلك؟ أليس في ذلك إثبات على أننا أمام ظاهرة لا ينكرها إلا كل جاهل في عالم الفن؟؟.
 

جماهيريتها الواسعة، محليا وعربيا، تكشف عن رغبة لدى أية قناة تلفزيونية لاستثمار طاقة هذه الأنثى الاستثنائية، لذا أُتي بها لتقديم البرامج غير مرة، وفي كل مرة كانت خفة الدم حاضرة والتقديم الراقي بارزا وروح الشباب مؤثرة وآسرة.
 

من الخطأ اختزال أمل عرفة بصفة فنانة ولو أن الكلمة شاملة، ومن الخطيئة اعتبارها مطربة وحسب أو ممثلة وحسب.. أمل إذا أردنا منحها حقها قياسا بما قدمته، تستحق أن تحظى بلقب سيدة مجتمع وفنانة من الطراز الأول وتحت عنوان هناك أمل في الإبداع .
 

ماذا لو اعتزلت أمل عرفة اليوم وعادت إلى بيتها بعيدا عن الشاشة والمايك؟ قد تفعل ذلك، وسنقول لها افعلي ذلك.. نعم “أرجوك اعتزلي”..!!.
 

اعتزلي لتغيب روح الدعابة وخفة الدم وبواعث الثقافة المجتمعية.. ولتغيب لغة الجمال ووجه الجمال عن أنظارنا في زمن لا نحتاج فيه إلا للجمال وإن قلّ.
 

اعتزلي لنفتقدك، فربما نحن في مجتمع لا نكرّم كبارنا إلا بعد أن يرحلوا أو يغيبوا عن المشهد.
 

اعتزلي ولن نجد البديل…
 

بمنطق الحق والحقيقة: لا تعتزلي كي لا نفقد إحدى قوى الإبداع الرباعي، فالبديل كان وما يزال وسيبقى غير جاهز.

مقالات ذات صلة