من المعروف أن العلاقات العاطفية والروابط الزوجية والأسرية كانت تشكل قيمة كبيرة في مصر القديمة، وكان “الإخلاص وعدم الخيانة” أحد المبادئ الـ 42 الخاصة بفلسفة العدالة “ماعت” التي يحاسب عليها المتوفي في العالم الآخر، بحسب المعتقدات الفرعونية القديمة.
تمتلئ جدران المعابد بالكثير من الرسومات والنقوش التي تروي قصص حب وعلاقات عاطفية ، ولكن أكثرها غرابة هي بردية مصرية قديمة محفوظة في متحف “ليدن” بهولندا التي تتناول رسالة موجهة من زوج إلى زوجته بعد وفاتها بثلاث سنوات.
وفي التفاصيل، تشير البردية إلى أن الزوج شعر بالحزن الشديد على فراق زوجته لدرجة أنه بدأ في رؤية خيالات لجسدها مما تسبب له في الشعور بالاكتئاب والتعاسة، وعلى إثر ذلك لجأ الزوج إلى الكهنة الذين نصحوه بكتابة رسالة إلى زوجته، ثم يقرأها على قبرها بصوت عالٍ.
ويقول الزوج في رسالته:
“لماذا تؤذينني حتى صرت في الحالة التعسة التي أنا فيها؟
ماذا فعلت، وكيف ترفعين يدك عليَّ وأنا لم أسئ إليك قط؟
لأُقاضيك أمام أرباب الغرب التسعة “الآلهة الـ9 فى طيبة” لتحكم بيني وبينك
ماذا فعلت مما يستوجب استياءك مني؟
لقد تزوجتكِ وأنا حديث السن فعشت بجانبك
ثم شغلت مناصب في جهات أخرى
فلم أهملك ولم أدخل على قلبك شيئا من الألم”
“انظري..
لقد صرت بعد ذلك ضابطًا في جيش الملك بين ضباط العربات الحربية
فكنت أقدمها إليك، وأحمل إليك فيها هدايا طيبة
ولم أُخف عنك شيئا طيلة حياتك
ولم يستطع أحد أن يقول في وقت من الأوقات إني أسيء معاملتك
كلا، ولم يستطع أحد أن يقول إني بعد الطلاق دخلت بيتاً آخر
وحينما أُلزمت بالبقاء في المكان الذي أنا فيه الآن،
وكان مستحيلاً عليَّ أن أعود إليك،
بعثتُ إليك بزيتي وخبزي وملابسي
ولم يحدث قط أن أرسلت مثل ذلك إلى غيرك
ثم لما مرضت، ألم أرسل إليك طبيبًا صنع لك الأدوية،
وكان طوع أمرك في كل ما تطلبين؟
ولما وَجَبَ أن أُرافق الملك إلى الجنوب، كان عندك قلبي
وقد بقيت ثمانية أشهر دائم الفكر، قليل الأكل، قليل الشرب”
“وبعد موتك سرت إلى “منـف” ورجوت الملك أن يأذن لي في العودة إليك
ثم بكيت طويلاً أنا ورجالي أمام بيتي
وقدمتُ كثيراً من الملابس والأقمشة لفائف لجثمانك
انظري لقد مضت عليَّ الآن ثلاث سنوات وأنا وحيد لم أدخل بيتًا آخر
أما أخواتي اللواتي في بيتي، فإني لم أدخل عند واحدة منهن”.