رئيس التحرير : حسام حسين لبش
لو خُصِّصَتْ عشرون جائزة لأكثر رجل عربي في هذا العصر قربا من الجماهير وانغماساً بهمومها وطموحاتها، لاستحقها وبلا تفكير لمرتين، القيادي السعودي الأشهر إعلاميا في هذا الزمن: تركي آل الشيخ.
لهذه الشخصية قصة مع البروز معاكسة تماما لما هو مألوف، إذ تعوّدنا في عالمنا العربي أن الشخص المشهور ينطلق من القاعدة الجماهيرية وينغمس في قطاع فني أو رياضي ليحظى بشعبية في بلده ومن ثم يتدرج ليصل إلى قطاع المسؤوليات في حكومة بلده أو في النطاقات الرسمية المنضوية تحت لواء السلطات العامة.
لكن في حالة الشخصية التي نتحدث عنها اليوم (تركي آل الشيخ) يبدو الأمر معاكسا، إذا إن الرجل بدأ من الأعلى، إذ شغل مهاماً في المملكة العربية السعودية وهو في سن مبكرة خولته القدرة على القيادة وإدارة ملفات كبيرة ومتشعبة بالنظر إلى حنكته وخبرته وتعليمه الذي يتوفر على أكثر من نطاق صعب وصعب جدا، ليصل إلى قطاع الجماهير ويقود كيانات ترفيهية، ورياضية ليس في بلده وحسب بل في بلدان عربية أخرى مكنته من السطوع إعلاميا على نحو غير مسبوق لرجل عربي في أزمان سالفة أو في هذا الزمن أيضا.
تركي آل الشيخ الذي تعج الصحافة العربية اليوم باسمه وصورته وشخصيته وصفاته، مولود في العام 1981 في السعودية وله ثلاثة أولاد (ناصر وسلمان ومحمد)، عمل مستشارا في الديوان الملكي السعودي برتبة وزير، ومن ثم تسلم أهم قطاع جماهيري في المملكة وهو رئاسة مجلس الهيئة العامة للترفيه التي تعنى بالجانب الأهم عند الشباب والطفولة وحتى الرجال ومؤخرا النساء.
ومن هناك وبعد نجاحه في كل ما أوكل إليه من مهام صلبة بالنظر إلى حساسيتها، انطلق ليقود الاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي، ومنه إلى رئاسة الاتحاد العربي لكرة القدم الذي يضم 22 اتحادا عربيا. وتمكن في ولايته للاتحاد العربي من إعادة بطولة دوري أبطال العرب التي كانت اختفت لسنوات عن المشهد العربي.
المهام لا تتوقف هنا، فهو رئيس الهيئة العامة للرياضة في السعودية وهو رئيس اللجنة الأولمبية السعودية مسؤولا عن كل رياضات الممثلة المعترف عليها دوليا.
وحين بات شخصية عربية يشهد لها بالقدرة على البناء والقيادة، وسّع رقعة نشاطه وحضوره وتوجه إلى مصر ليترأس نادي “بيراميدز” المصري ويصنع منه قبلة لنجوم الكرة في أهم بلد عربي وأفريقي بكرة القدم إذ لن تبقى السيادة والتنافسية بعد حضور تركي آل الشيخ محصورة بين الأهلي والزمالك، فالرجل آت ليغير في خريطة مصر بما يخدم الكرة المصرية والعربية بطبيعة الحال.
وفي ضوء هذا الحضور، يبقى تركي آل الشيخ عضواً شرفيا في نادي الهلال ونادي النصر ونادي التعاون في السعودية، وهو في الوقت نفسه الرئيس الفخري لنادي التعاون ولنادي الوحدة، ورئيس هيئة أعضاء الشرف في الكرة السعودية.
تجسدت كل هذه القيم والمناصب بشخص رجل قادر على جعل اليوم الواحد بـ 48 ساعة، إذ لا يكل ولا يمل عن متابعة كل شاردة وواردة في السعودية ومصر ودول الخليج وباقي الدول العربية، سواء على صعيد الكرة أو على الصعيد الاجتماعي المتعلق برفاهية الإنسان في هذا العصر الذي يعصف بكل بارقة سعادة.
أمام كل ذلك كانت الجوائز العربية القيمة والثمينة بانتظاره، إذ حاز على جائزة الشخصية الأكثر تأثيرا في كرة القدم للعام 2017 في مؤتمر دبي الرياضي الدولي الثاني عشر. كما وجاز على جائزة شخصية الثقافة الرياضية في الوطن العربي للعام 2017، وعلى جائزة الشخصية الرياضية العربية للعام 2018 وجائزة محمد بن راشد آل مكتوم للإبداع الرياضي.
وبعيدا عن الرياضة وكرة القدم، يبقى تركي آل الشيخ الشاعر الذي قدم قصائد غناها نجوم الغناء العربي مثل محمد عبده وكاظم الساهر وعمرو دياب ورابح صقر وماجد المهندس.
علما أن تركي آل الشيخ حاصل على شهادة بكالوريوس في العلوم الأمنية من كلية الملك فهد الأمنية، وأنجز دورات كبرى في علوم الجريمة والتحقيق وإدارة المخاطر. ولكن يبقى في النهاية حبه الأول لوطنه وللوطن العربي، وللرياضة والجماهير ثانيا، ولكرة القدم على وجه التحديد ثالثا، ولرفاهية الشباب رابعا، وللشعر والأدب والثقافة خامسا.
كم بلد عربي يحتاج لتركي آل الشيخ في هذا الزمن؟ وكيف تتعمم تجربة هذه الشخصية الرفيعة حتى نعيش الطمأنينة على مستقبل أولادنا؟؟.