اتفق، اليوم الأحد، قادة الدول العربية خلال كلماتهم في القمة العربية بتونس، على أن الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان المحتل يهدد سيادة سوريا ولبنان، كما أنه يعتبر خرقًا صارخًا للقانون الدولي وانتهاكًا خطيرًا لميثاق الأمم المتحدة.
وقال الرئيس اللبناني ميشال عون، إن الاعتراف بـ”سيادة إسرائيل” على الجولان المحتل يهدد سيادة سوريا ولبنان على حد سواء، مؤكدًا أن بلاده غير قادرة على استضافة اللاجئين، مضيفًا أن القرار الأمريكي بشأن الجولان السوري لا يهدد سيادة سوريا فحسب بل يهدد سيادة الدولة اللبنانية التي تمتلك أراضي ضمتها إسرائيل تدريجيًا في مزارع كفر شبعا والقسم الشمالي في بلدة الغجر.
وأعرب عن قلق بلاده من السعي الإسرائيلي لحرمان الفلسطينيين من حقهم وإقرار الدولة القومية ونكران حق العودة. وأضاف عون أنّ لبنان قلق من رغبة المجتمع الدولي في الإبقاء على اللاجئين السوريين في بلاده”، لافتًا إلى أنّ المجتمع اللبناني لم يعد يحتمل هذه الأوضاع.
واستطرد الرئيس اللبناني: “يقلقنا إصرار المجتمع الدولي على إبقاء النازحين السوريين في لبنان رغم معرفته الظروف السيئة التي يعيشون فيها وأن معظم المناطق السورية أصبحت آمنة، مشيرًا إلى أن لبنان يضيق بسكانه وغير قادر على استضافة نازحين يُقدر عددهم بأكثر من نصف مواطنيه.
وقال إن “أكثر من 80% من النازحين السوريين في لبنان يتطلعون للعودة إلى بلدهم”، مطالبًا بـ”ضرورة التنسيق والتعاون بين الدول العربية لمجابهة ما ينتظر العرب من تحديات”.
ومن جانبه، دعا الدكتور مشعل بن فهم السلمي رئيس البرلمان العربي، القمة العربية في تونس التي تحمل اسم “قمة العزم والتضامن”، إلى اعتماد “الوثيقة العربية لتعزيز التضامن ومواجهة التحديات”، التي أقرها البرلمان العربي، لصياغة مرحلة جديدة “تستعيد فيها الأمة الثقة والإيمان بقوتها ووحدتها، وأن تكون هذه قمة للتضامن العربي ومواجهة التحديات”.
وقال السلمي في كلمته أمام القمة العربية “إن هذه القمة تنعقد في ظل ظروف بالغة الدقة، وتحديات غير مسبوقة، ولا سبيلَ لمواجهتها إلا بالتضامن ووحدة المواقف العربية، والتصدي بحزم للمشاريع التخريبية والمُخططات العدوانية، التي تستهدف نشر الفوضى في مجتمعاتِنا والتعدي على سيادة دولنا واحتلال أراضينا”.
وأكد رئيس البرلمان العربي رفضه وإدانته بأشد العبارات الاعتراف الأمريكي بسيادة قوة الاحتلال على مدينة القدس والجولان السوري. واعتبر السلمي هذه القرارات خرقًا صارخًا للقانون الدولي وانتهاكًا خطيرًا لميثاق الأمم المتحدة، وشرعنة للاستيلاء على الأرض بالقوة، وحمل الإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة لما يترتب على هذه القرارات من تقويض لمشروع السلام وزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
وأكد أن البرلمان العربي يعمل على تنفيذ خطط عمل للتصدي لهذه القرارات، وحشد التأييد العالمي لإنهاء الاحتلال الغاشم للأراضي العربية، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها مدينة القدس.
وأكد السلمي في كلمته أمام القمة دعم البرلمان العربي للتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، وجدد إدانته لاستيلاء مليشيا الحوثي الانقلابية على مؤسسات الدولة بالقوة وإطلاقها الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة على المملكة العربية السعودية، وتهديد الملاحة في البحر الأحمر، مشددا على أن تلك الأعمال الحوثية انتهاك للقانون الدولي وتهديد للأمن والسلم الدوليين”.
وفيما يتعلق بالعراق، أكد رئيس البرلمان العربي دعم الجهود العراقية في إعمار المناطق المحررة وإعادة النازحين إليها، وطالب مجددًا برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، قائلا “لدينا خطة عمل ننفذها في هذا الشأن، ونقف مع الدول العربية في مواجهتها للتطرف والإرهاب”.
وقال الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز، في كلمته إن النزاعات في ليبيا واليمن وسوريا طال أمدها وتفاقمت توابعها من حيث تهجير السكان وعدد الضحايا. وطالب بدعم الجهود الدولية والإقليمية لحل النزاعات في سوريا وليبيا واليمن والصومال.
وأكد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، الأحد، أن الغدر ونقض العهود دأب الحوثيين وطباع متجذرة لدى المليشيا الانقلابية، مستبعدا تنفيذهم اتفاق استوكهولم. وأوضح هادي، أن حجم الكارثة التي حلت باليمن والمنطقة نتيجة انقلاب المليشيا الحوثية المدعومة من قبل النظام الإرهابي الحاكم في إيران يفوق كل وصف، مشيرا إلى أن المأساة طالت كل مدينة وحارة ومنزل في البلاد.
وتابع هادي: “لقد هب الأشقاء العرب لنجدة إخوانهم اليمنيين، وتقديم كل ما يلزم من الدعم لمساعدتنا من أجل إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة على كامل تراب اليمن”.
وجدد حرصه على عدم رفض السلام أبدا، مشيرًا إلى الجهود التي بذلت من أجل إحلال السلام ورفع المعاناة عن الشعب اليمني، والدخول في مشاورات عديدة تحت رعاية الأمم المتحدة.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، إن القدس المحتلة ” ليست للبيع”، محذرا من محاولات إسرائيل دفع بعض دول العالم لنقل سفاراتها للقدس. وأضاف عباس، خلال كلمته أمام القمة العربية الـ30 بتونس، أن الإدارة الأمريكية تضغط علينا للتخلي عن حقنا المشروع في المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، مؤكدًا أنه “لا معنى أن تكون فلسطين بدون القدس الشرقية”.
ولفت عباس إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يحاول طمس هوية القدس الشريف، مقدمًا الشكر للشعوب العربية كافة لمحاولاتهم نيل حقوق شعبنا ونصرة فلسطين. وأشار الرئيس الفلسطيني إلى أن “المسجد الأقصى يتعرض كل يوم للاقتحامات التي كان آخرها الاعتداءات على باب الرحمة”، منوهاً إلى أن “ما نعاني منه من ممارسات قمعية ونشاطات استيطانية وخنق للاقتصاد الفلسطيني ما كان ليحدث لولا دعم أمريكا للاحتلال الإسرائيلي”.
وأعلن عباس رفض بلاده للقرار الأمريكي بشأن ضم الجولان السورية المحتلة للسيادة الإسرائيلية، قائلًا “الجولان أرض سورية عربية محتلة والقرار الأمريكي بشأنها باطل”.
وأشاد العاهل السعودي بالنتائج الإيجابية التي أسفرت عنها القمة العربية في دورتها الثلاثين، والتي كان لرئيس تونس دورًا بارزًا في إنجاحها. وأكد في كلمته رفض المملكة العربية السعودية القاطع لأي إجراءات من شأنها المساس بالسيادة السورية على الجولان.
وشدد الملك سلمان على أهمية التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية يضمن أمن ذلك البلد ووحدته وسيادته ومنع التدخل الأجنبي. وفي الملف الفلسطيني، شدد الملك سلمان على أن تلك القضية ستظل على رأس اهتمامات السعودية حتى يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة.
وعن اليمن، أكد خادم الحرمين على دعم الرياض لجهود الأمم المتحدة للوصول لحل سياسي وفق المرجعيات الثلاث في اليمن. وأوضح أن السعودية ستستمر في تنفيذ برامجها للمساعدات الإنسانية والتنموية لتخفيف معاناة الشعب اليمني.
وأكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الأحد، أن استمرار الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني سيبقى وصمة عار على الجبين الدولي، طالما استمر ضرب عرض الحائط بقرارات الشرعية الدولية، وبقيت محاولات الالتفاف على مرجعيات السلام ومحدداتها.
ونبه السيسي إلى التحديات العربية المتراكمة، والذي يأتي على رأسها الصراع العربي الإسرائيلي، معربًا عن ثقته في أنه لا مخرج نهائي منه إلا بحل سلمي شامل وعادل، يعيد الحقوق إلى أصحابها، بحيث يحصل الشعب الفلسطيني على حقه في الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وفيما يخص الأزمة السورية، طالب الرئيس المصري بإعادة الجولان المحتلة إلى سوريا، لتتحرر جميع الأراضي العربية المحتلة، ويتم طي هذه المرحلة المؤلمة.
وأضاف: “الطريق واضح.. وعناصر التسوية الممكنة معروفة، والمكونات الأربع للمفاوضات، كما حددتها الأمم المتحدة وقرار مجلس الأمن رقم 2254، معلومة للكافة. المطلوب فقط.. هو إرادة السلام والتسوية لدى الفرقاء السوريين، وموقف عربي حاضن لهذه التسوية وداعم لها، وضاغط في اتجاه تحقيقها، ورافض بشكل قاطع لكل التدخلات من أي قوى إقليمية غير عربية”.
وعن الأزمة الليبية، طالب بتحرك شامل لتنفيذ كافة عناصر مبادرة الأمم المتحدة للتسوية في هذا البلد، والتي اعتمدها مجلس الأمن منذ أكثر من 18 شهرًا، داعيًا المجتمع الدولي إلى وقفة حازمة في وجه قوى معروفة للجميع، تورطت ولا تزال في تهريب السلاح والمقاتلين، ودعم المنظمات الإرهابية بدون أي رقابة أو محاسبة.
واختتم السيسي كلمته، بقوله: “لقد آن الأوان أن نلحق كعرب بركب التقدم الاقتصادي الذي تعيشه مناطق أخرى متعددة في العالم، وأن نستفيد من الفرص غير المسبوقة التي يتيحها النظام الاقتصادي العالمي، ونحول الإمكانات الكامنة لأمتنا إلى حقائق، تعيشها وتنعم بها الأجيال الحاضرة والقادمة”.
وبين العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، ، أن الجولان أرض سورية محتلة وفقًا لكل قرارات الشرعية الدولية. وقال العاهل الأردني إن تحديات وطنية داخلية شغلتنا عن الهم العربي لأمتنا الواحدة، مضيفًا أنه “لا أمن ولا استقرار في المنطقة العربية دون حل عادل للقضية الفلسطينية وإقامة دولة على حدود 67”.
وأكد أن القضية الفلسطينية “كانت وستبقى الهم الأول لأمتنا العربية”، لافتا إلى استمرار الأردن في الدفاع عن المقدسات الدينية في القدس.
وأدان أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إعلان الولايات المتحدة الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان السورية المحتلة، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تُعد خروجا على القرارات الدولية ذات الصلة وتضر بعملية السلام.
وأضاف أمير الكويت أنه لا بد من إفساح المجال للحل السياسي الذي يحقق لسوريا وحدة أراضيها، وفق مبادئ اتفاق جنيف 1. وتطرق الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، في كلمته، إلى الأزمات في البلدان العربية، معربًا عن تطلعه إلى نهاية سريعة لمعاناة الشعب السوري، وحل سريع يضع حدا لمعاناة الشعب اليمني، مشيرا إلى أن القضية الفلسطينية تبقى القضية المحورية والأولى للعرب.
يذكر أن أعمال القمة العربية العادية انطلقت في دورتها الـ30 بتونس، اليوم الأحد، بمشاركة 12 زعيمًا عربيًا، يتقدمهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، الذي ترأست بلاده القمة السابقة.
وتصدرت قضايا القدس والجولان والتدخلات الإيرانية في المنطقة أجندة القمة العربية التي تلتئم عقب أيام من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بتبعية الجولان السوري المحتل لإسرائيل.